نعم تراجعت مكتسبات الحريات والحقوق السياسية في البحرين بحزمة التشريعات التي أصدرتها السلطة التشريعية في الأيام الأخيرة لعمرها الزمني في الفصل التشريعي الثالث، وهو أمر مؤسف، وخسارة يتحملها شعب البحرين، إنما الذي يجب أن تبكوه هو موقعكم في هذا الوطن والذي أصبح كالورم السرطاني، فأنتم السبب الذي يقف وراء هذا التراجع، أنتم أذرع تنظيم المرشد الأعلى الإيراني الديني والسياسي والإعلامي من تسبب في هذه الخسارة للشعب البحريني.فلم يألُ هذا التنظيم جهداً طوال السنوات العشر الأخيرة إلى إساءة استغلال كل سنتيمتر في تلك المساحة لتحقيق مآربه وخدمة مشروعه وأجندته بعيداً عن المصلحة الوطنية الشاملة العامة، في حين أن تلك المكاسب كانت لأهل البحرين كافة وليست حصراً عليهم، لكنه أساء استغلالها أبشع استغلال.بدأ بإنكار وجود تلك المساحة من الأصل والادعاء أنها صورية وشكلية وغير حقيقية، اعتقاداً منه أن إنكارها هو ما سيحقق به كسب المزيد، متجاهلاً واقع أن البحرين حين تولى جلالة الملك حمد كانت خارجة من صراع سياسي مرير تحتاج فيه إلى كل لبنة من لبنات بناء الثقة وبناء الجسور بين الأطراف الفاعلة سياسياً، وأن الإصلاحات التي جرت هي أحد الجسور التي تقدم بها الحكم، فأخذها هذا التنظيم ليعبر هذا الجسر مدعياً أنه حققها وحده، ليهدم الجسر بعد عبوره من خلفه وينكر بجحدان مقيت أي جهد بذل من الطرف الذي بناه، ثم انطلق بنهم يريد المزيد دون أن يعطي فرصة لا للحكم ولا للمجتمع البحريني أن يستوعب تلك المتغيرات ويمتصها ويتعاطى معها وينضج تجربته معطياً كل مرحلة ما تستحقها من فرص.ومنذ الوهلة الأولى التي حط بها رحاله على أرض البحرين بعد عودته من المنافي، قسم المجتمع البحريني دينياً إلى معسكر يزيدي ومعسكر حسيني، ثم قسمها سياسياً إلى معارضة وموالاة، ثم قسمها إعلامياً إلى إعلام ملائكة وإعلام شياطين، إعلام رسمي وإعلام شبه رسمي وإعلام وطني، ودق إسفين الطائفية ثم ألقى باللائمة على أي شيطان أزرق سواه.واستغل كل منبر متاح داخل وخارج البحرين لينشر هذه الكذبة بين أتباعه ونشرها خارج البحرين وضلل وعتم وأنكر تمتعه بها سواء كانت تلك المكتسبات برلمانية أو حريات مدنية وسياسية كفلها الدستور.أسقط أسوار السيادة الوطنية واعتبر نفسه دولة داخل دولة، مستغلاً كلاً من تلك الحقوق التي يتباكى الآن على خسرانها، بعد أن تعاطى معها على أنه له وحده الحق فيها، فالتظاهر يريده تعطيلاً لحقوق التجارة وحرية الآخرين في السير، والتعبير يريده كلاماً مرسلاً واتهامات مرسلة دون دليل، والأدوات البرلمانية، الاستجواب منها على سبيل المثال للوزراء، سنة، و«السؤال» عن أسماء الشيعة والسنة في الوظائف الحكومية، والخدمات هي للقرى، والدوائر يريدها مقسمة حسب مناطق نفوذهم، وحق تأسيس المؤسسات المدنية يريدها خارج نطاق القانون وجمع الأموال بلا رقابة من داخل و خارج البحرين، والاتصال بالخارج يريده باباً لحماية دولية تحميه من تغوله محلياً.. وهكذا أمضت البحرين عشر سنوات في محاولات لتهدئة هذا التغول من أجل التركيز على البناء، لكن هذا التنظيم أمضاها في امتداد أياديه الأخطبوطية للخارج واستكمال مشروعه الخاص. عشر سنوات عاث هذا التنظيم في البحرين في كل مساحة الحريات التي كفلها الدستور البحريني فساداً، وكاد أن يسقط الدولة لتحقيق مشروعه، وظهر على حقيقته تنظيماً كاذباً مفترياً مزوراً للحقائق يدعي زوراً وبهتاناً، يتمتع بكل تلك المساحة التي يتباكى عليها الآن وينكرها بشكل مقيت مزرٍ، فأقصى نفسه عن شعب البحرين كافة، حلل الحرام وأجاز القتل والحرق والخراب وشيع القتلة والإرهابيين على أنهم شهداء، بعد هذا كله يتباكون اليوم على «مساحة» أنكروا وجودها وساهموا بكل أذرعتهم الدينية والسياسية والإعلامية بتضليل الرأي العام المحلي والدولي على إخفائها والتعتيم عليها، دون أن يرف لهم جفن خوفاً من الله أو حياء من شهود أحياء معاصرين لهم على كذبهم و تزوريهم.