قد يكون بعد غد عيد الفطر المبارك بعد انقضاء شهر رمضان المبارك الذي جاء سريعاً وذهب كذلك سريعاً، عشنا لياليه المفعمة بالخير والطاعة والصيام والقيام لله تعالى، تعلقت قلوبنا ببيوت الله أكثر، وكان الشهر الفضيل فرصة للكثيرين بأن يتوبوا إلى ربهم ويعودوا إلى طريق الصلاح رداً جميلاً، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة وأن يغفر ذنوبنا جميعاً، ومع كل ذلك كنا نعيش أحداثاً منها محلية وعربية لا تسر أحداً، فالبحرين مازالت تعاني من المحرضين والإرهابيين وعلى المستوى العربي مازالت آلة الحرب الإسرائيلية تحصد أرواح إخوتنا في غزة العزة وسط صمت الجميع. في الشأن الوطني ومع انتهاء الشهر الكريم ومع فرحتنا بعيد الفطر؛ فإنها فرصة للم الشمل الوطني والعودة إلى الأيام الجميلة التي كانت بلادنا تعيشها بأمن وأمان بلا منغصات وخلافات أحدثت شرخاً في النسيج البحريني، وقسمته للأسف إلى نصفين، كانت جمعيات المعارضة وعلى رأسها الوفاق هي السبب في ذلك والانحراف عن الهدف بالعمل السياسي ليصل إلى الدعوة بالانقلاب على الشرعية والإجماع من كل مكونات الشعب، وعلى رغم كل ذلك فإن يوم العيد يجب أن يكون يوماً بهيجاً والابتعاد عن العنف ومظاهره التخريبية التي نسمع عنها كل يوم في القرى وشوارعها التي أصبحت مرتعاً للإرهابيين. أما على الجانب الآخر عشنا خلال شهر رمضان حرباً على قطاع غزة، ورأينا مشاهد تدمي القلب للأطفال وهم يتساقطون بلا ذنب، والعالم بأكمله يرى ذلك وسط صمت مطبق، فلم نر الأمم المتحدة تقوم بدورها ولا الجامعة العربية، فالكل يندد ويشجب ويستنكر فقط دون أي تحرك ضد إسرائيل التي لا تعير أي اهتمام للنداءات الدولية لها بوقف القصف على المدنيين وقتلهم بشكل همجي ووحشي دون أية اعتبارات للإنسانية وكل ذلك في الشهر الفضيل.ولم يقف الوضع على ما يحدث في غزة؛ بل إن الحال على باقي الدول العربية، فنرى العراق غارق في خلافات سياسية وتدخلات إيرانية وأخرى أمريكية تسعى إلى الاستحواذ على خيراته، ونرى خروج فصائل عسكرية سيطرت على أجزاء منه وأصبح العنف والانفلات هو سيد الموقف، فالقتل كل يوم واستهداف لمكون رئيس في البلاد بشكل طائفي وكل ذلك ينذر بتقسيم العراق وسط صمت وموافقة عربية للأسف.وننتقل إلى اليمن لنرى مشهداً آخر؛ فنرى الحوثيين يسيطرون على مناطق من البلاد في ظل ضعف وتخاذل من قوات الجيش هناك، حتى أنهم سيطروا على محافظة عمران القريبة من العاصمة صنعاء في مخطط لهذا القطر العربي الجنوبي لدول مجلس التعاون، خصوصاً المملكة العربية السعودية، ليسيطر عليه الشيعة الحوثيون الموالون لإيران، حتى أنهم منعوا صلاة التراويح، وهو يدل على التعصب الطائفي واستهداف أهل السنة والجماعة، وأيضاً وسط صمت خليجي وعربي بعدها لن تنفع الحسرة والعض على أصابع الندم. والحال ليس بأفضل حال في ليبيا والتناحر بين فصائله العسكرية للسيطرة على السلطة هناك والثروة النفطية في ظل الأطماع الأمريكية والغربية، وحتى في تونس ومصر فالوضع الأمني لم يعد كما كان، وهذا كله بسبب ما يسمى بالربيع العربي الذي كان خريفاً على العرب، وأصبحت دولنا تعيش حالة من عدم الاستقرار الأمني، هكذا سيكون عيد الفطر تشتت وتناحر وتقاتل والخاسر الوحيد هي الشعوب العربية التي راحت آلاف الأرواح في هذه الدول.سأعود إلى بلادنا لأدعو وأتمنى من الله تعالى أن تتصافى القلوب في يوم العيد من الحقد، وأن يحل محلها الحب، وأن نعيش مع بعض سنة وشيعة كما كنا، وأن نبتعد عن السياسة التي لم نجن من ورائها إلا التقسيم والشقاق، وبالتالي يجب أن نثبت للعالم أن شعب البحرين حضاري وينبذ العنف أياً كان مصدره.همسة..لكل زمان مفردات سواء كانت شعراً أو نثراً، وهنا فإن أبيات أبو الطيب المتنبي أعظم شعراء العرب في العهدين القديم والحديث تحاكي وتعايش ما تعيشه الأمة العربية: عيـــدٌ بأيـــةِ حـــالٍ عـــدتَ يا عيــدُبما مضى أم بأمـرٍ فيــــكَ تجديدــــُأمــا الأحبــــــةُ فالبيــــداءُ دونهـــــمُفليـتَ دونكَ بيـــداً دونهـــا بيــــدُ