تشتهر معظم دول مجلس التعاون الخليجي بحرصها على زيادة الرقعة الخضراء وضمان امتداد مساحاتها، وفي سبيل ذلك رصدت الملايين كجزء من التزامها البيئي تجاه مجتمعاتها.هناك أنواع كثيرة من العشب، ولكن وأشهرها الياباني والكوري أو الأفريقي باختلاف دول تصديره. دول مجلس التعاون تستخدم العشب الأفريقي كثيراً لأنه أقل تكلفة وسريع النمو، بخلاف الياباني والكوري لأنهما يعتبران من الأنواع المكلفة مادياً، ويستغرقان وقتاً أطول في النمو رغم شكلهما الجميل والمميز.لعقود طويلة زرعت دول مجلس التعاون العشب الأفريقي في شوارعها وميادينها وحدائقها، وحتى الحدائق المنزلية استخدم فيها هذا النوع من العشب.طريقة زراعة العشب الأفريقي تعتمد على زراعة قطع من العشب في أماكن متباعدة، وتوفير كميات وفيرة من المياه لها على مدار الساعة، بالإضافة إلى ضمان تعرضها لأطول فترة ممكنة للشمس. أما بالنسبة لطريقة إزالة العشب الأفريقي في نهاية الموسم، أو عند الرغبة في تطوير الرقعة الخضراء وتجديدها، فإن أنسب وأسهل الطرق هي قطع المياه والشمس عن العشب. إذ يلجأ المختصون إلى تغطية العشب الأفريقي بغطاء بلاستيكي ويمنع عنه الماء ليحترق الشعب تدريجياً بسبب تعرضه لحرارة شديدة وانعدام المياه، وهي ما تسمى علمياً بالاحتباس الحراري.هكذا ببساطة يزرع ويزال العشب الأفريقي من دول مجلس التعاون الخليجي التي لم تفكر يوماً في الاستفادة من هذا العشب سوى لأغراض التزيين والجمال في المناطق العامة فقط.العشب الأفريقي يمكن الاستفادة منه سياسياً بشكل كبير، فالخبرات المتراكمة في زراعة هذا العشب لم تدفعنا للاستفادة منه وتوظيفه سياسياً. كيف؟طريقة زراعة العشب الأفريقي بسيطة لأنها تعتمد على زراعة قطع صغيرة منه في أماكن متباعدة، وهو ما نراه اليوم عندما نلاحظ الجماعات المتطرفة والتي تستهدف أمن واستقرار دول مجلس التعاون والدول العربية زرعت كجماعات صغيرة في مناطق متباعدة جغرافياً، ولكنها محاصرة للدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي، ومن أمثلة ذلك داعش العراق، وداعش سوريا، وحزب الله في لبنان، وباكو حرام في نيجيريا، والحوثيين في اليمن.. إلخ.بشكل تدريجي تم دعم هذه الجماعات من أطراف متعددة لها مصالح استراتيجية متنوعة، فبدأت بالانتشار حتى صارت تطرق حدود دول مجلس التعاون، ودول المنطقة لا تحاول الاستفادة من طريقة إزالة العشب الأفريقي فتحرق مثل هذه الجماعات، بل يتم دعم أطراف أخرى لمواجهة هذه الجماعات المتطرفة، والمحصلة أن هذه الجماعات لن تنتهي تماماً، بل سيزيد حماسها في مواجهة الأطراف التي تواجهها في إطار زمني غير معلوم.طريقة إزالة العشب الأفريقي تقوم على القطع الكامل لمقومات الحياة، الشمس والمياه، مما يعني أنه للقضاء على هذه الجماعات المتطرفة يجب حرمانها من أي فرصة للعيش ولممارسة الأنشطة الإرهابية، وحرمانها من أي مصادر تمويل وتسليح.زرعنا العشب الأفريقي عشرات السنين، ولكننا لم نتعلم منه سوى الزراعة!
Opinion
دول مجلس التعاون ونظرية العشب الأفريقي
26 أغسطس 2014