عجباً حين يفرح رئيس مجلس الشورى بإسقاط قانون بمرسوم ينص على رفع حصة الحكومة من رسوم سوق العمل إلى 50%! عجباً عندما يوافق أعضاء مجلس الشورى على مشاريع لا تفيد ولا تعود على الاقتصاد بشيء، وها هو الاقتصاد في تراجع رغم وجود هيئة سوق العمل وصندوقه «تمكين»! عجباً ثم عجباً عندما يربط انتعاش الاقتصاد البحرين، الذي كان يوماً عملاق الاقتصاد الخليجي، بمؤسسات صغيرة تعثرت، على حد قول رئيس مجلس الشورى، وأنه لولا «تمكين» لكانت هذه المؤسسات في خبر كان.نرجع أيضاً إلى رئيس لجنة شؤون المالية والاقتصادية بالمجلس، خالد المسقطي، الذي قال «إن المرسوم صدر في 2011، وتمكنا الآن من معرفة أثره السلبي بعد أن دخل حيز التنفيذ، إذ بلغ عجز (تمكين) في العام الماضي 39 مليون دينار»، ونقول له؛ هل تقرير ديوان الرقابة المالية يكذب حين ذكر في تقريره الذي نشر في صحيفة الوسط بتاريخ 28 نوفمبر 2013 أنه «بالإضافة إلى تنفيذ وتمويل برامج ومشاريع ليس من اختصاص الصندوق والمخالفة لصلاحيته، حيث قامت تمكين بتمويل دراسات جامعية وأنشطة شبابية ودورات تدريبية وشهادات احترافية لموظفي الحكومة ودعم البنية التحتية لمعهد البحرين للتدريب، وكثير من المشاريع التي لا تعد من الأولويات، وقد بلغت إجمالي الميزانية المخصصة لهذه المشاريع أكثر من 54 مليون دينار، صرف منها حتى سبتمبر 2012 نحو 36 مليون دينار»، فأين هذا العجز الذي تصرف فيه ميزانية بهذا القدر على مشاريع ليست من أهداف الصندوق؟ أما بالنسبة للنائب الأول لرئيس المجلس، جمال فخرو، الذي اتفق مع رأي خالد المسقطي وقال «هناك دراسات مستمرة تقدر أن كل دينار تصرفه (تمكين) يعود بنسبة 15% على الاقتصاد الوطني، وكانت إيرادات الدولة من رسوم سوق العمل 13 مليون دينار، واليوم مع ارتفاع قيمة الرسوم صار 20 مليون دينار، أي أن الدولة لم تخسر شيئاً»، نقول له؛ إذا كان ارتفاع قيمة رسوم العمل 20 مليون دينار هو دليل على ازدهار الاقتصاد الوطني، وأن الدولة لم تخسر شيئاً، فما هذه الأخبار التي نسمعها عن تدهور الاقتصاد وهروب أصحاب الأعمال البحرينيين والخليجيين من البحرين؟ هل هي إشاعات؟ وماذا عن العجز في ميزانية الدولة؟ وتوصيات الخبراء الاقتصاديين لرفع الدعم الحكومي عن المواد الغذائية بسبب تدهور الاقتصاد وعجز الدولة؟ هل هي أيضاً حيلة تحتالها الدولة؟ عندما تقول إن الدولة لم تخسر شيئاً وأن كل دينار تصرفه تمكين يعود على الاقتصاد الوطني بـ15%، إذاً أعطنا الناتج، مصروفات «تمكين» منذ 2006 حتى اليوم في 15%! ونضيف ما ذكرته النائب الأول لرئيس المجلس، د.بهية الجشي، أن «المملكة تشهد اليوم نمواً في إنشاء المشاريع الصغيرة، وكله يعود بفضل القروض التي تقدمها «تمكين» وإعدادها دراسات جدوى لمن يريد إنشاء مشروع صغير»، ونقول هنا للدكتورة؛ ما رأيها في قيمة الديون التي توقف أصحابها عن سدادها والتي بلغت حوالي 8.6 مليون دينار وماذا عن بنك البحرين للتنمية الذي منح أحدهم قرضاً بـ150 ألف دينار عبر تمكين؟ أليس هذا هدراً للمال العام؟ أليس هناك قصة خلف كل قرض لم يسدده صاحبه؟ وما قيمة المشاريع الصغيرة بالنسبة إلى ضياع عشرات بل مئات الملايين من الدنانير؟ ثم إذا كانت «تمكين» لا تقوم بإعداد دراسة جدوى لمشاريع الدعم التي تطلقها، كما ذكر تقرير الرقابة المالية، فكيف تقوم بدراسة جدوى لكل من يريد إنشاء مشروع صغير، وفي الوقت الذي تسند أيضاً إدارة مشاريع «تمكين» لجهات خارجية، مع ضعف إشراف «تمكين» على أعمال الجهات المكلفة بإدارة مشاريع الصندوق، وذكر في التقرير أنهما شركتان من القطاع الخاص لم يذكر اسمهما! ونذكر الدكتورة هنا أنه من ضمن تقرير الرقابة المالية أن «تمكين منحت نسبة كبيرة من القروض لمؤسسات ليست ذات قيمة اقتصادية مضافة مثل البرادات وصالونات الحلاقة والمقاهي وغيرها».السؤال هنا لسعادة رئيس مجلس الشورى على ماذا الفرح عندما يكون تقرير الرقابة المالية بهذا الكم من ضياع الملايين؟ ونقول لسعادة النائب الأول لرئيس المجلس، جمال فخرو، كيف حسبت أن مردود كل دينار تصرفه «تمكين» 15% على الاقتصاد الوطني؟ هل هناك معادلة حسابية ليس بمقدور موظفي الرقابة المالية حلها؟ ثم زيادة إيرادات هيئة سوق العمل إلى 20 مليون دينار؛ أليس ذلك دليلاً على زيادة أعداد العمال الأجانب وحجم الغرامات على أصحاب العمل؟ حين يكون المواطن الخيار الأفضل لصاحب العمل هو الأساس الذي من أجله أسست هيئة سوق العمل وتمكين! ثم نسأل الدكتورة بهية، إذا كان تقرير الرقابة المالية يقول إن «تمكين» منحت نسبة كبيرة من القروض لمؤسسات ليست ذات قيمة، فكيف يكون سبب النمو لإنشاء المشاريع الصغيرة بسبب قروض «تمكين».قولوا لنا بالله عليكم من نصدق؟ هل نصدق تقرير ديوان الرقابة المالية أم تحليل مجلس الشورى؟ قولوا لنا؛ هل أساس الاقتصاد هو الشركات الاستثمارية العالمية والشركات الخليجية والوطنية الرائدة أم البرادات والمقاهي وصالونات الحلاقة؟ قولوا لنا بالله عليكم؛ هل اقتصاد البحرين في نمو والأمور طيبة أم أن الوضع الاقتصادي متدهور؟ قولوا لنا؛ هل صحيح أن الدينار يعود بـ15% على الاقتصاد الوطني؟ إذاً فلماذا تتعب الدولة نفسها في الدفع بالاقتصاد عندما تستطيع مؤسسة أن ترفع اقتصاد الدولة 15% عن كل دينار.- رسالة إلى مجلس الشورى والنواب..إذا كان مجلس الشورى والنواب لا يلتفت إلى تقارير ديوان الرقابة المالية، فمن يلتفت إليها، ومن يحاسب المؤسسات الوطنية؟ وكيف يحارب الفساد ويستأصل مادام تكتب فيه ملاحم ومشاعر ويمتدح أصحابه، وتكافأ مؤسساته؟ بالله عليكم كيف يصلح الحال، وكيف يزدهر الاقتصاد بعد أن يصبح في خبر كان؟
Opinion
عندما يعود الدينار بـ?15 على الاقتصاد الوطني
09 يناير 2014