مساكين بعض النواب، بالأخص «النفر القليل» الذين مازالوا يحرصون على إيصال هموم المواطن والعمل على تحقيقها، إذ هم اليوم يعانون من معاملة بعض الوزراء لهم بأسلوب «التطنيش»!نعم «التطنيش»، إذ بحسب ما قال النائب المحترم خالد المالود يوم أمس بأن هناك مشكلة حقيقية في التواصل مع بعض الوزراء، بحيث إن هؤلاء لا يتفاعلون مع طلبات النواب للاجتماع بهم لبعض المواضيع العالقة بالأخص تلك التي تهم الناس، وأن بعض الطلبات تصل لأكثر من شهر بل وقد يتم تأجيلها لأجل غير مسمى! هذه حقيقة للأسف، وإن جئنا لنراها من منظور بعض الوزراء الذين تكتشف فيهم حالة استعلاء وتذمر من خدمة الناس، بما يقودنا للتساؤل وباستغراب: إذ حينما تدرك يا وزير أنك لا تملك «نفساً» أو تفتقر للقدرة على تحمل الناس فلماذا ضربت صدرك وقبلت بالوزارة وأقسمت على خدمة الناس؟! القيادة حينما تعين الوزراء تمنحهم ثقة وتتوسم فيهم الخير بناء على عدة معطيات، ويهم القيادة أن من تمنحه الثقة أن يكون أهلاً للثقة من خلال عمله وأدائه، ونجاح العمل يكون بأن يتوجه لخدمة الناس، وحتى تخدم الناس وتطور من قطاعك لا بد أن تستمع للناس، بالتالي كيف يكون ذلك وسعادة أو معالي الوزير منكفئ على نفسه مغلقاً بابه لا عن المواطن فحسب، بل حتى النواب الذين يريدون تمثيل الشعب؟! طبعاً لا نتحدث عن بعض النواب الذين تجدهم دائماً عند بعض الوزراء وقت «شاي الضحى»، وهي العلاقات التي كان لها «أطيب الأثر» على بعض الوزراء بحيث شكلت لهم حاجز صد في المجلس إزاء أي محاولات توجيه أسئلة وحتى استجوابات، لكننا نتحدث عن بعض الوزراء الذين يبدو أنهم درسوا المرحلة الحالية بعناية وأدركوا أن ترك النواب هكذا دون مقابلات أو مباحثات في هذا التوقيت سيوفر عليهم «حنة» و«ردحة» و«إزعاج» باعتبار أنها مجرد أيام قلائل وكل النواب سيحملون صفة «نائب سابق»، بانتظار ما ستسفر عنه الانتخابات القادمة. النائب المالود أثنى على توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء حفظه الله للوزراء بقضاء حوائج الناس وتخصيص أوقات لمقابلتهم واستقبال طلباتهم باعتبار ذلك واجباً على كل مسؤول حكومي، وأن المواطن هو البوصلة التي تحدد اتجاه المشاريع الحكومية المؤشر لنجاحها. وإننا إذ نثني على توجيهات سمو رئيس الوزراء ونتضامن مع تصريح النائب المالود، فإننا نقول إن الحل مع بعض الوزراء «عديمي الإحساس» بالمواطن (ومن على رأسه بطحة ليتحسسها) أن الحل معهم هو إلزامهم قسراً بتخصيص يوم لاستقبال الناس «مباشرة» دون وسطاء، لا وكلاء ولا وكلاء مساعدين ولا مدراء ولا حتى سكرتارية، ومن يتخلف عن القيام بذلك يحاسب في مجلس الوزراء أسبوعياً، بل لماذا لا يطالب الوزراء بتقديم تقرير أسبوعي في الجلسة لرئيس الحكومة بشأن لقائه الأسبوعي مع الناس والمراجعين وبيان المشاكل التي وقف عليها والأمور التي قام بحلها وتسهيلها والمعضلات التي تواجهه طالباً المساعدة من الحكومة وتوجيهها. المشكلة أن ما عبر عنه النائب مسألة خطيرة، فإذا كان النائب المنتخب من قبل الناس، والذي يمتلك الأدوات الدستورية لمحاسبة الوزراء وحتى طرح الثقة فيهم، إن كان النائب يعاني لمجرد سعيه مقابلة الوزير الجالس في «برجه العاجي»، فما بالكم بالمواطن البسيط الذي لا يمتلك أي شيء ليلزم به المسؤول الرفيع لمقابلته والاهتمام بأموره؟! لا بد أن تعمل الدولة على «تحجيم تأثير الكرسي» لدى بعض الوزراء، وإعادتهم لوعيهم وإفهامهم بأنهم «موظفون» في الدولة وأن واجبهم هو المواطن، وأن هؤلاء الناس هم «البوصلة» بشأن تحديد الاستراتيجيات وتنفيذ العمليات، وهم «المؤشر» على نجاح العمل من فشله، كما قال رئيس الحكومة؟! كارثة أن نصل بعد منح المواطن «الإذن الصمخة» من قبل بعض الوزراء، بأن نرى ممثلي الشعب «يشحتون» مقابلات مع بعض الوزراء، والفئة الأخيرة تعاملهم بأسلوب «التطنيش»! ألم نقل سابقاً ونطالب بأن «اخلعوا» أبواب هؤلاء الوزراء، واجعلوا مكاتبهم عند بوابات وزاراتهم، عل وعسى يتحرك إحساسهم بالناس؟!