الرأي

وردك اليومي «2-2»

المسير


مواصلة للحديث عن «الورد اليومي» الذي تحدثنا فيه عن بعض السنن الغائبة، والتي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، نتطرق خلال هذه الوقفة إلى مجموعة أخرى من «الأوراد» التي ينبغي على المسلم أن ينتبه إليها، ويضمنها في جدوله اليومي، ويحرص على أدائها مهما كانت الظروف، ففي التزامها الخير الكثير.
* سورة الملك: احرص على قراءة وردك من «سورة الملك» كل ليلة، فقد وردت العديد من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل قراءة سورة الملك كل ليلة قبل النوم، فهي تشفع لصاحبها يوم القيامة وتنجيه من عذاب القبر. فقال صلى الله عليه وسلم: «إن سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي: تبارك الذي بيده الملك». وقال صلى الله عليه وسلم: «سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر». وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «يؤتي الرجل في قبره فتؤتى رجلاه فتقول رجلاه: ليس لكم علي ما قبلي سبيل، كان يقوم يقرأ بي سورة الملك. ثم يؤتى من قبل صدره أو قال: بطنه، فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل، كان يقرأ بي سورة الملك، ثم يؤتى رأسه فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل، كان يقرأ بي سورة الملك، قال: فهي المانعة تمنع من عذاب القبر»، أخرجه الحاكم.
* الصدقة: يقول الله تعالى: «إن الحسنات يذهبن السيئات». وقال عز وجل: «وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين». ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، تكشف عنه كرباً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً». ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم: «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه». وقال صلى الله عليه وسلم: «ما نقص مال عبد من صدقة». ليكن لديك «ورد يومي» في التصدق، جرب أن تضع «حصالة» تتبرع فيها كل يوم قبل خروجك بمبلغ من المال ولو بالشيء اليسير، وإن لم تستطع فأعط العامل في الطريق، أو أي محتاج، المهم أن تبدأ يومك بالصدقة فهي بركة لك في مالك وحياتك، وهي مطردة للهم والأوجاع والأسقام والبلايا.
* قيام الليل: لقيام الليل إضاءة خاصة في حياة المرء، والمحافظة على «ورد القيام» يعطي المرء جرعات إيمانية عالية، يقول المولى تعالى: «تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا..». وقال تعالى: «أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه..». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام». وقال عليه الصلاة والسلام: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل». ليكن ضمن برنامج «ورد القيام» تصلي ركيعات لله قبل أن تنام، وإن استطعت وهو الأفضل أن تقوم قبل الفجر لتستغل أوقات السحر، قال تعالى: «والمستغفرين بالأسحار».
* أذكار النوم: أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى العديد من الآداب التي ينبغي علينا التأدب بها عندما نأوي إلى فراشنا، فينبغي علينا أن نحافظ على «ورد النوم» كما ورد عن الحبيب صلى الله عليه وسلم. فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك مت وأنت على الفطرة، واجعلهن من آخر كلامك».
* صلة الأرحام: لصلة الأرحام بركة خاصة في حياة المرء إن أحسن وضعها كورد يومي ضمن حياته، فلا يجعلها مجرد زيارة خاطفة من بأب تأدية الواجب!! بل يستحسن به أن يجعلها كورد يومي يقوم به ليظفر بالأجر، زيارة الوالد أو الوالدة أو الإخوة أو الأخوات أو الأهل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه». وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس الواصل بالمكافىء، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها».
* الدعاء: قال تعالى: «وقال ربكم ادعوني أستجب لكم». وقال سبحانه: «وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان». فالدعاء هو العبادة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما على الأرض مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء بمثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذا نكثر «يعني من الدعاء»؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «الله أكثر». ليرتبط الدعاء في وردك اليومي في أوقات الصلوات، واستغل الفرص السانحة لأوقات الإجابة وبخاصة بين الأذان والإقامة وفي جوف الليل الأخير.