كلنا يتفق على أن الإرهاب أكبر كارثة يمكن أن تحل بأي بلد، كارثة يمكن أن تقضي على حراك إنساني لسنين، تفتت المجتمعات، وتزهق أرواحاً بريئة، والأخطر أنها تصعد بجماعات متطرفة لتمسك بخناق شعوب تدفع ثمن ذلك غالياً.لكن هناك طبعاً من لا يتفق مع هذا الطرح، وأولئك هم الذين يتغذون على الإرهاب، يستقوون به، ويرون علو نجمهم ومكسبهم بأن يسود الإرهاب ويضرب المجتمعات وينخر في لحمتها، هؤلاء معروفون تماماً ويمكن تحديدهم بسهولة، فمن يدافع عن الإرهاب وأصحابه هو الإرهابي الحقيقي، من يحرض الناس ليمارسوا الإرهاب هو منبع الإرهاب وأصله.الإرهاب لا دين له، بالتالي من يدعم الإرهاب ويبرره لا يخرج على الناس ويدعي برداء الدين أنه ناصح لهم مدافع عن حقوقهم، هو إرهابي جرمه لا يقل تماماً عن جرم الذي يقتل ويخرب ويكسر ويعكر صفو حياة البشر.في كلمة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء حفظه الله الموجهة للعالم تحدث عن أبرز تحد يواجه الشعوب اليوم، تحدث عن الإرهاب وكيف أن من يريد تحطيم المجتمعات وتفتيت الشعوب يتخذ هذا الأسلوب منهجاً له، وأن العالم اليوم مطالب بالتصدي للإرهاب حفاظاً على أمن البلدان وسلامة الشعوب.الإرهاب آفة تعصف بكثير من الدول، لكن لو دققتم الملاحظة لوجدتم أن هذه الآفة آخذة في ضرب الدول العربية والإسلامية بشكل أكثر تركيزاً من الغرب.تساؤل كان يطرح مؤخراً بشأن تنظيم «داعش»، إذ كيف وهو التنظيم الذي يشتم ليل نهار في الولايات المتحدة الأمريكية لا ظهور له أبداً في بلدهم، بل ظهوره في البلاد العربية والإسلامية! كيف تخلو بريطانيا مثلاً من خيوط داخلية لتشير لعناصر داعشية؟! أليس هو تنظيم يدعي محاربة الغرب الكافر؟! بالتالي لماذا يوجه أفعاله تجاه العرب فقط؟!ليست الفكرة هنا بادعاء محاربة الإرهاب من قبل بعض الأقطاب، بل الفكرة هي من صنع هذا الإرهاب ومن هيأ له الظروف لكي يكبر ويقوى ويتحول إلى تهديد خطر؟!فقط سرد تاريخي سريع لمن كانوا سبباً في «تربية» الإرهاب وصناعته، إذ تذكرون أول الإرهابيين الذين قصفوا دولاً بالقنابل الذرية؟! تذكرون ما حصل في فيتنام؟! تذكرون من أسقط نظام الشاه في إيران وجاء بالخميني، وحينما انقلب خطاب الخميني خلال ساعات كيف تحولت الساحة إلى حرب إيرانية عراقية؟! تذكرون السوفيت وحربهم مع الأفغان، من صنع بن لادن حينها؟! من جعل للقاعدة نواة لتكبر وتنمو؟! وحينما وجهت نارها باتجاههم حاربوها وأعلنوا حرباً على الإرهاب، طالت العراق الذي دعموه في حربه، ثم قصفوه بأسلحتهم وفتتوه. والآن «داعش» التي خرجت بين ليلة وضحاها، ومع خروجها يصنع «حماة السلام العالمي» الأمريكان «حصالة دولية» يطالبون دول العالم بضخ الأموال فيها لمحاربة داعش! طيب من صنع داعش؟!إن كانت الولايات المتحدة الأمريكية جادة في حربها على الإرهاب، فهي مطالبة أولاً بدعم كل عمليات تنشيف منابع الإرهاب، هي مطالبة بدعم كل تحرك في كل بلاد يوجد فيها من يحرض ويدعو للإرهاب ويبرر له، عليها أن تتوقف عن دعم وتقوية محرضين وممارسين للعنف بغض النظر عن مصالحها وارتباطاتها ومساعيها للهيمنة على المناطق والدول.هناك دول ظهر فيها الإرهاب جلياً، والسبب لم يكن أن تلك الفئات تتجرأ على ممارسة الإرهاب لولا ضمانها بأن هناك من سيدعمها وسيوافق على ما تفعله.بالتالي من هو المسؤول عن ظهور داعش والقاعدة وغيرهما من جماعات تتخذ الإرهاب وحرق الدول من الداخل منهاجاً وأسلوباً؟!