أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تلعب «ع المكشوف»، ولم تعد تمارس الدبلوماسية السياسية مع أحد من أصدقائها أو أعدائها، فخططها باتت واضحة واستراتيجياتها صارت مكشوفة أمام كل العالم، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومن هذا المنطلق بدأ الكره الفطري والإنساني يدب بين كل البشر تجاه أمريكا، وذلك بسبب مواقفها السلبية المعلنة من قضايا الشعوب العربية وغير العربية، وعبر معاييرها المزدوجة تجاه دول وشعوب كثيرة.أصبحت أمريكا «الإدارة السياسية» مكروهة عند الشعوب وحتى عند الكثير من الأنظمة بسبب عدم توازن مواقفها السياسية حيال الكثير من القضايا، وعلى الرغم من وضوح مواقفها المعلنة، إلا أنها لم ولن تتخذ الموقف المناسب للظرف المناسب، فمواقفها الأخيرة الداعمة للدكتاتورية والصهيونية العالمية كشفت كل المعايير الخاطئة التي تتبج بها واشنطن، بل أنها في كثير من الأحيان تساند شعباً بأكمله، وتساند حكومته بكل أنواع المساندة كذلك، وبهذا فمواقفها السياسية ليست نظيفة بما يضمن لها مودة في قلوب الناس، كما ليست لها رغبة صادقة في إكمال المشاوير العملية باتجاه الخروج من أزمات طاحنة تعيشها دول الشرق الأوسط.في الضفة الأخرى نجد أن موسكو باتت أكثر ذكاءً وحرصاً على مصلحتها ومصلحة حلفائها من واشنطن، فروسيا باتت أكثر قوة وواقعية من ذي قبل، واستطاعت أن تعزز من صداقاتها مع الأنظمة والشعوب التي بدأت أمريكا في خسارتهم فعلياً، بل استطاعت روسيا أن ترسخ كل أشكال الدعم لحلفائها في العالم، بينما لم تستطع أمريكا من الحفاظ على أصدقائها فضلاً عن محاولتها تقليص أعدائها، وبهذا فإن التمدد الروسي بات واضحاً للغاية، وربما أصبح دورها مريحاً جداً عند الكثير من الدول العربية التي طالما ضغطت عليها واشنطن بسبب مصالحها وأنانياتها.من المؤكد بعد تنامي الوعي العربي والشعبي في كل العالم تجاه القضية الفلسطينية، بالخصوص تجاه غزة ومجازرها المروعة في الآونة الأخيرة، إضافة للموقف الإيجابي الروسي من ذات القضية، لم يعد هنالك من خيار أمام تلك الشعوب من الانتقال من ضفة واشنطن إلى ضفة موسكو، وهذا لم يكن لولا تواطؤ الأمريكي مع الصهيوني ضد الإنسان الفلسطيني والعربي، وانفضاح دور واشنطن من خلال انحيازها الأهوج والأعرج لتل أبيب، مما زاد هذا الموقف من حنق كل الشعوب على واشنطن وربيبتها إسرائيل، خاصة مع المشاهد الدموية والمخزية التي يشاهدها كل العالم بسبب المجازر الوحشية والدموية التي ترتكبها الصهيونية بحق الفلسطينيين.يجب على أمريكا أن تعيد صياغة مواقفها الداعمة للعدالة وقضايا الشعوب، بدلاً من أن تقف ضدهم بطريقة صبيانية مكشوفة، لأن الأيام القادمة ستعري واشنطن إن استمرت في ذات السياق المخجل من كل تلك القضايا، فإنها ستخسر كل العالم، وبالتالي ستكون الفرصة الذهبية سانحة لموسكو من أجل تعزيز مواقفها الإيجابية حيال الشعوب «الشرق أوسطية»، وستسحب البساط من تحت أرجل أمريكا والغرب أيضاً، وستأخذ «عليهم الجو»، وذلك بسبب ضعف الإدارة الأمريكية الحالية وضعف قراراتها الهزيلة، أما الشعوب فإن صدى صوتها سيجلجل قوياً ومسموعاً في كل الأرجاء «نحن بنكره أمريكا».