لا شيء يبني الوطن ومتعلقات الوطن كالنقد البناء والشفاف، النقد المتجرد من الشخصانية والعدوانية والذي يغوص في التفاصيل الدقيقة ويطرح الأدلة ويلاحق كل الأخطاء أينما وجدت بمسطرة المواطنة لا بمسطرة الطائفة أو الفئة هو النقد المطلوب، أما من يقيس الأخطاء بتلك المساطر المنحازة للدم والعرق فإن الخاسر الأكبر سيكون الوطن.هنالك الكثير من الأخطاء التي نلاحظها ويلاحظها الكثير من المواطنين بصورة ناصعة، وفي أحيانٍ كثيرة تكون غير واضحة المعالم، لأنها تندرج تحت مسميات خطيرة كالفساد الإداري والمالي، وفي أحيان قليلة نحتاج لطرح الدليل وفي أخرى لا نحتاج إلى نصف دليل، لأن فسادها بات شائعاً بين العباد.ليست هنا المشكلة، إنما المشكلة حين تقوم الجهات الرقابية كالسلطة الرابعة بانتقاد بعض المؤسسات التي تعج بالأخطاء والتقصير، تقوم حينها كل العلاقات العامة في تلك المؤسسات بالدفاع عن عمل مؤسساتها بطريقة عاطفية وساذجة، ولربما في كثير من الأوقات تدافع بشراسة عن أخطاء العاملين فيها، حتى إن بعضهم يحاول أن يجملها لتصبح الأخطاء مُقدسة في نظر الشارع!ليس هذا وحسب، بل الأدهى من ذلك أن تصدر العلاقات العامة بيانات كبيانات الأمم المتحدة وبعض الدول النائمة، تشير صراحة لبعض الجهات الناقدة لأسلوب وطريقة أدائها بأنها جهات مغرضة تريد تشويه سمعتها، بل وتؤكد أن الجهات الرقابية -الصحافة على وجه التحديد- هي مجرد جهات إعلامية تستقصد الاستنقاص من قيمة المؤسسة الفلانية والطعن في أداء الوزارة العلانية، بينما هي ليست هكذا على الإطلاق.نحن في عصر مختلف «يا جماعة الخير»، نحن في عصر المعلومة وفي زمن وسائل الاتصال والتواصل، حيث يكون إخفاء المعلومة عن الجمهور المنفتح على المعلومة أصلاً «نكتة بايخة»، فيكون من المعيب حينها أن تقوم جماعات العلاقات العامة بتزيين الأخطاء وتجميل التقصير، فالأخطاء تظل أخطاء ولو بعد حين، والتقصير لن يتحول عبر ضرب الجوخ والباليس إلى فضيلة في يوم من الأيام.نحن ننصح كل إدارات العلاقات العامة في مؤسساتنا الرسمية وغير الرسمية أن تلاحق الأخطاء لمعالجتها، ومحاسبة كل المقصرين في الدولة، وذلك لمعالجة المشاكل بطريقة حضارية وعلمية وموضوعية وعملية، وبكثير من الشفافية والنزاهة، بعيداً عن التخوين وإساءة الظن والتشكيك في النوايا، سواء من طرف الناقد أو المقصر، فنحن كلنا شركاء في هذا الوطن، فلا غالب ولا مغلوب في قضايا الرقابة وتطوير أداء مؤسساتنا الحكومية وحتى الأهلية.نتمنى من إخواننا العاملين في العلاقات العامة أن يوصلوا لكافة المسؤولين لديهم، وعلى رأسهم الوزراء، كل تقصير وكل فشل يقع في مؤسساتهم، لا أن يفعلوا العكس، وهو الدفاع الأعمى عن الأخطاء الواضحة والعيوب الفاضحة، لأن من يقوم بهذا الفعل يفتقر إلى الكثير من الوطنية، أما تصحيح الأخطاء والاستماع لكافة أشكال النقد البناء فهذا من صميم عملهم، وليتركوا عنهم الأوهام التي يشيعونها في بياناتهم الركيكة دائماً وأبداً، بأن هنالك حملة تشنها الصحافة ضدهم، بينما العكس هو الصحيح، وشكراً.
Opinion
عالجوا الأخطاء بدل أن تقدسوها
09 أكتوبر 2014