سواء مرَّت الساعات سريعاً أو بطيئًا فلا تعنيني، ما كان في الواقع يعنيني، قرار جمعية الوفاق وليس جمعيات التوابع، فهي بالنسبة لي كالطفل الذي يجرب المشي لأول مرة وفي كل خطوة يخطيها يلتفت على أمه.كنت أترقب القرار وأتساءل؛ ليس معقولاً تكرر الوفاق لنفس الأخطاء؟ معقولة أن تصل درجة الغباء السياسي إلى هذا الحد فيضيعوا هذه الفرصة أيضاً؟ ولكن ما توقعته حصل.. قرار المقاطعة!!حينها سيطر على عقلي جملة عبقرية للرئيس الراحل أنور السادات، قالها عام 1971 ضد من أسماهم مراكز القوى حين لجئوا إلى تقديم استقالة جماعية، معتقدين بذلك أنهم سيوجهون له ضربة قاضية ويحرجونه ويؤلبون الشارع ضده، فما كان منه سوى أن قبل استقالاتهم ببساطة وأطلق جملته العبقرية: «دول لازم يتحاكموا بتهمة الغباء السياسي».فعلاً ? الغباء السياسي ?جريمة لا تغتفر بحق الشعب والوطن، ويجب أن ?يحاسب كل سياسي ?يقوم بتصرف ?غبي ?يضر بالوطن والمواطن، ويجب ألا ?يحاسب هو وحده بل نلتمس له العذر لأنه ?غبي ?بالفطرة لا ?يملك أن ?يغير من طبعه شيئاً، ولكن ?يجب أن ?يحاسب أيضاً من أقنع هذا الغبي بالفكرة!!تقود الوفاق أتباعاً من الأغبياء.. فالأغبياء أسهل في الانصياع وتنفيذ الأوامر، وهكذا ظنت الوفاق بأنها بهذا القرار قد أحرجت الدولة ووجهت لها ضربة قاضية.حسب أغلب وقائع التاريخ ودروسه فإن قرار المقاطعة فارغ من المضمون، وليس له قيمة ولا يمكن أن يؤثر على سير العملية الانتخابية أو نجاحها، ونعلم أن الوفاق وفي المرتين السابقتين التي قاطعت فيه شاركت عبر عناصره خارج المعلن والمصرح به لجماهيرها، سواء في المجالس البلدية أو النيابية، وإنهم بهذا القرار يسخرون من أنفسهم ومن جماهيرهم.اليوم نحن نقف أمام لحظة مفصلية من تاريخ هذه الأرض.. فالجو العام يبعث على الإحباط ولكن لا يدفعنا إلى اليأس، وهناك من يعول على تصفير صناديق الاقتراع، ويجهر ويعلم ويخطط ويعمل على تحقيق ذلك، وشعب «الفاتح» يتعامل مع الوضع من باب لا مبالاة، ظناً منها أن عدم التصويت في الانتخابات سيجعله «يفش خلقه» «ويبرد حرته» في النواب الذي خذلوه جاهلاً أو متناسياً، إنه بذلك يساعد الوفاق في تحقيق مأربه ليس في تصفير الانتخابات وحسب، بل وفتح أبواب التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية.البحرين اليوم أكبر من مصالح آنية خاصة، البحرين اليوم تناديكم «يا شعب الفاتح» فدعوا عنكم «التحلطم» والشكوى عمال على بطال، هل ستعينون علي سلمان في مخططهم بتصفير صناديق الاقتراع، أم ستثبتون العكس وتملؤوها بأصواتكم الوطنية والشريفة؟ قد تشعر بالإحباط والسأم من أداء النواب، وأن الوجوه السابقة التي خذلتك هي نفسه المرشحة للمجلس القادم، لكن ذلك لا يعني أن تفرط في حقك الدستوري، إحساسك بالغبن وأن النواب خذلوك، والمجلس لم يكن على قدر الطموح أو المسؤولية ولم يساهم في حل مشكلة الإسكان أو زياد الرواتب أو غيرها، لا يعطيك الحق في تصفية حسابك مع الدولة -في هذا التوقيت بالذات- اذهب وشارك واصنع التغيير..يجب أن تجور مصلحة الوطن على مصالحكم حتى لا نجد أنفسنا تحت حكم ولي الفقيه.أُنبِّه نفسي وأُنبِّهكم؛ عدم المشاركة يعني البحرين «باي»..إلى كل أب وأم.. إلى الأجداد إلي الطيبين من أهل النخوة، أنتم أكثر من يقدر البحرين ويعلم بقيمته، حثوا أبناءكم على المشاركة ولا تدعوهم فريسة لليأس والإحباط، فالبحرين تستاهل الفزعة.
Opinion
عدم المشاركة يعني البحرين «باي»
14 أكتوبر 2014