من لم يستطع أن يكون أميناً على وظيفته لا يصلح أن يكون أميناً على وطن ولا مال ولا عرضالوفاق، التي تتباكى اليوم، تقول عن نفسها إنها معارضة وطنية ترفض تدخل أي دولة أجنبية في البحرين. هذا ما قاله علي سلمان في أحد مؤتمراته ومؤامراته عام 2011، حيث قال: «الثابت الأول ولاء المعارضة البحرينية بكل أصنافها وتلاوينها إلى البحرين، وعدم تقديمها أي ولاء آخر على ولائها لوطنها، فبالإضافة إلى قولها وخطابها ومواقفها الوطنية تثبت ذلك، وترفض هذه المعارضة الوطنية أي تدخل خارجي في شؤون مملكة البحرين».نأتي اليوم إلى هذا الإثبات لنختبر هذا الولاء في القول والخطاب والمواقف الوطنية، ونقرأ معكم ما قاله في لقائه المفتوح بمنطقة سلماباد في 11 يوليو 2014، ونسأل العرافين والنحوييــن والفلاسفــــــــــــــة والسياسييـــــــــــن المخضرميــــن والمنظرين أن يبحثوا بين سطور هذا التصريح عن كلمة أو شدة أو همزة تثبت ولاء هذه المعارضة للبحرين، أو أن هذه المعارضة بحرينية؛ بل هي معارضة إيرانية بكل المقاييس لحماً وشحماً ونفساً ودماً.إذاً أمريكا دائماً تبحث في هؤلاء التي تفوح نفوسهم حقداً وخيانة، نعم فقد درس مستشرقوهم تاريخ الأمة ودونوا في وثائقهم من هم أقرب أقوام للخيانة ومن هي النفوس التي يمكن أن تشتريها الدولة الصليبية، فوجدوا ضالتهم في هذا الصنف من البشرية.السؤال هنا للدولة؛ ماذا كانت ترتجي من هذا الشخص أو من هذه الجمعية أو ممن ساند المؤامرة الانقلابية، أكان نائباً أو شورياً أو وزيراً أو وكيلاً أو طبيباً أو مهندساً، فهل يمكن أن يكون مثل هؤلاء لبنة بناء؟ هل يمكن أن يكون مثل هؤلاء حماة للوطن أو يؤمنوا على مخازن أسلحة ودروع أو على مركبات أمنية أو حتى حراسة بوابات مستشفيات أو مدارس؟ دعونا نكون صريحين ولو مرة، ودعونا نكون واقعين ونتعامل مع الأشياء بأسمائها ومع المواقف بأوصافها، فهؤلاء خانوا الأمانة ونكثوا بالعهود والمواثيق السماوية التي تحرم التآمر على بلاد الإسلام، والتي تحرم سفك الدماء والفساد في الأرض، فإذا بهؤلاء يرتكبون كل ما حرمه الله في كتابه وحلل فيهم النفي والتقطيع في الدنيا وفي الآخرة لهم عذاب أليم، فكيف لا يخونوا بحكام ويخونوا بأمة.تمر الدولة اليوم بتجارب وتكتشف الصالح من الطالح وهي سنة الله في خلفه بأن يميز الخبيث من الطيب، إذ إنه لا يمكن أن يتساوى الخبيث بالطيب ولا النور مع الظلمات، وكذلك الله فعل مع الرسل عندما انتقى لهم اتباعاً وكشف عن نية جنودهم ففضح منافقيهم، وها هو طالوت عندما أراد أن يختبر إرادة جنوده، فقط الإرادة وليس النية، لأن نيتهم كانت الخروج معه، فجهز طالوت جيشاً كبيراً وسار بهم، عندها أحس الجنود بالعطش، فأخبرهم طالوت أنه «سيكون أمامنا نهر ولكن بشرط كل من يشرب منه ليس منا ومن لم يشرب فهو معنا»، وكان هذا امتحاناً لهم فشرب معظم الجنود فخرجوا من الجيش لأنهم ضعاف الإرادة ويستسلمون بسرعة، وبقي معه 313 رجلاً وهم الأقوياء فقط، ثم قد شعر هذا الجيش المتبقي بضعفهم أمام جيش جالوت المدجج، ولكن الله أراد أن يضرب الأمثال، وكان من بين جنوده المتبقين داوود عليه السلام وهو فتى صغير، وعندما رأى أن جالوت يطلب من يبارزه وقد وضع طالوت هدية للذي يقتل جالوت وهي أن يكون هو القائد ويتزوج ابنته، ولم يخرج أحد فطلب هذا الفتي داوود من طالوت أن يبارزه دون التفكير بالهدية، فقال له كيف وأنت صغير، عندها قال له إني قتلت ذئباً حاول التعدي على أغنامي ثم تقدم ووضع حجراً قوياً في مقلاعه وصوب بها على جالوت فأرداه قتيلاً وانتصروا عليه.إذاً هذه القصة تضرب لنا مثالاً بأنه لابد أن يصفى الناس ويمحص ولاؤهم قبل إرادتهم، وها هي الدولة تمر بفترة تمحيص وقد علمت وعرفت من المخلص ومن الخائن ومن هو قوي الإرادة ومن المستسلم، كما يضرب الله لنا مثلاً بأن من لم يستطع أن يكون أميناً على وظيفته لا يصلح أن يكون أميناً على وطن ولا مال ولا عرض، وإن كان ذا علم وعدد وقوة في البدن، لأن الأمانة لا تحتاج إلى مؤهلات مادية بل تحتاج إلى قلب مخلص، وها هو داوود الفتي الصغير استطاع أن يقتل جالوت لأنه استطاع أن يدافع عن غنمه.