يعرفون الرأسمالية على أنها «نظام اقتصادي تكون فيه وسائل الإنتاج بشكل عام مملوكة ملكية خاصة أو مملوكة لشركات، وحيث يكون التوزيع والإنتاج وتحديد الأسعار محكوماً بالسوق الحر والعرض والطلب، وعليه يحق للملاك أن يحتفظوا بالأرباح أو يعيدوا استثمارها».في عالمنا المعاصر، لم تنتج الرأسمالية سوى مزيد من المباني الشاهقة الغبية، والكثير من المجمعات التجارية الإسمنتية، إضافة للطبقية التي أعدمت الطبقة الوسطى عبر التقاف حبلها الرأسمالي على عنقها، كما إنها أنتجت الرفاهية المفرطة لأصحاب رؤوس الأموال العملاقة دون سواهم.إن الدول التي تعمل وفق النظام الرأسمالي حرفياً، بدأت تترهل اقتصاداتها، فأخذت تتكدس الثروات فيها لأفراد أو مؤسسات تجارية يملكها أفراد أيضاً، وبدأت تبرز عيوبها بشكل كبير، خصوصاً مع انهيار النظام الاقتصادي من جهة الغرب، وتزامناً مع الأزمة المالية العالمية التي ضربت كل العالم.نحن نشكر وزير التجارة على تفقده المستمر للمجمعات التجارية والاطمئنان على السوق والتجار، لكن هذا ليس كافياً لمعرفة طبيعة ما يدور خلف الكواليس من عنف الشركات التجارية التي لا هم لها سوى تكديس الثروات وتتبع مصالحها قبل أي شيء آخر، فهذه المتاجر لا تراعي مصلحة المستهلك ولا يهمها وضع العاملين لديها، وهذا ما تفتقر إليه زيارة الوزير، حين يقوم بجولاته الروتينية المكوكية لتلك المجمعات التجارية، ليصدر بعد ذلك البيان الرسمي الوزاري، أن كل شيء على ما يرام!إن الرأسمالية اليوم لا تسأل عن العواطف والمشاعر الإنسانية، بل كل ما يهمها أن تكون ثروات الأفراد في ازدياد ونمو، ولهذا فهي وأصحابها لا يعبأون بأحاسيس ومشاعر من يعملون في تلك المتاجر المتوحشة، حتى وإن كانت تبيع المستهلكين أجمل الملابس الغربية وأروع أنواع المكياج والعطورات الفرنسية، فالربحية هي أساس وقوام الفلسفة التي تقوم عليها فكرة التجارة لدى الرأسمالية، لكنها لا تلتفت إلى تحسين شروط العبودية الحديثة عند العاملين في تلك المتاجر الفخمة.نحن نناشد وزير التجارة أن ينظر في أوضاع العاملين في المتاجر المدللة في مجمعاتنا التجارية، فهم يملكون الكثير من الهموم التي يجب أن تستمع إليها أيها الوزير، بل هم أولى من كل التجار ومن كل المستثمرين ومن كل الأجانب الذين يقومون باستخدام البحرينيين كالعبيد من أجل تحسين الأرباح وتقوية وتثبيت أسماء الماركات العالمية، لتستمع لأصواتهم، فالأرباح عند من تتفقد متاجرهم أيها الوزير، أهم بكثير من كل العاملين والعاملات من البحرينيين.بحرينيات من أجل الحاجة يعملن في متاجر عالمية وغيرها في المجمعات التجارية برواتب زهيدة وتحت شروط وعقود قاسية، وفوق كل ذلك يتعرضن للامتهان، ويعاملن من طرف المسؤولين الأجانب في تلك المتاجر بغلاظة لا تليق بكرامة الإنسان، ومن لا تعجبه شروط العبودية «فالباب يوسع جمل».اعلم أيها الوزير أن هؤلاء العاملات هن اللاتي يجب أن تستمع لأصواتهن قبل الاستماع لصوت التجار، فلولا الفتيات البحرينيات المخلصات والشباب البحريني المخلص، لما قامت هذه المجمعات الغبية الإسمنتية على قدميها، لكنه نكران الجميل الذي تمارسه الرأسمالية ومعها كل الأفراد الذين يعبدون المال من دون الله.نتمنى من سعادة وزير التجارة في زياراته القادمة للمجمعات التجارية أن يقتحم بعض المتاجر للاستماع لهموم العاملين فيها من أجل الوقوف على طبيعة الإقصاء والتهميش، وأن يصدر قراراته بتحسين أوضاعهم قبل تحسين أوضاع التجار والعاملين الأجانب، بل أن يعطيهم كامل الأمان للتحدث عن همومهم بكل أريحية، قبل أن تأتيهم ورقة الإقالة من مديرهم الأجنبي، لنقول له بعد ذلك شكراً معالي الوزير، فلقد حفظت حقوق المواطن البحريني، وهذا هو المؤمل.