يذكروننا بانفراجات 2002 وكيف فرحت البحرين بتبيض السجون وعودة المنفيين وشاركت كلها بإيجابية في التصويت على الميثاق، تلميحاً ودفعاً للقيادة من أجل إعادة الكرة والإفراج عن المحكومين، ونسوا أن من أفرج عنهم هم ذاتهم الذين قادوا محاولة الانقلاب على الدستور 2011، وكان قد قبض عليهم وأفرج عنهم خلال السنوات العشر الماضية 14 مرة!لم يعد هؤلاء خصوماً للسلطة حتى يطلب منها هي وحدها قرار الإفراج عنهم والعفو للمرة الألف عنهم، هناك حق عام يتم تجاهله بتعمد ومع سبق الإصرار والترصد وهنا لب الموضوع.النيابة العامة تحدثت حين وجهت الاتهام للعديد ممن يقضون عقوبة السجن على خلفية الأحداث التي جرت في 2011 ترافعت النيابة عن مئات وآلاف تضرروا من أفعال وأقوال هؤلاء الذين تطالبون بالإفراج عنهم وتبييض السجون منهم، أي أن من يقضي أحكاماً في السجن على خلفية أحداث 2011 هم خصوم للذين روعوا وهم في منازلهم من محاولة الانقلاب على دستورهم وإسقاط نظامهم، للذين قيل لهم ارحلوا، للذين علقت صورهم في الدوار، للذين ضربوا في الجامعة، للذين منعوا من الوصول للمستشفى، للذين حددت منازلهم بالدوائر الحمراء، للذين قطعت الطرق عليهم، للذين هوجموا ورميت عليهم الحجارة والمولوتوف للذين خطف قرارهم وأعلن باسمهم قيام الجمهورية الإسلامية، للذين شهدوا وجهاً غريباً يرونه للمرة الأولى من أطباء وممرضين وزملاء عمل كشف عن حقد وبغضاء في نفسه فجأة بلا مقدمات وتركهم في صدمة مازالت آثارها إلى اللحظة، وحين نذكر هذه الحوادث يتهموننا بتفرقة الناس وبث الأحقاد والكره والبغضاء، ونسوا أنه لا يفتح هذه الجروح مثل طلب الإفراج عن هؤلاء دون النظر والاعتبار لحقهم العام.يتطلب قبل طلب العفو والإفراج عن هؤلاء إزالة آثار هذا الدمار الشامل عن المتضررين أولاً وليبدأ الجاني بالإقرار أولاً بالأخطاء في حق شركائه في الوطن، ثم بالاعتراف بما أجرمه في حق أهله، وينتهي بالاعتذار ثم بعد ذلك تطلب العفو والإفراج لتتوسع بعدها دائرة المطالبة وستشمل معك أصحاب الضرر، هنا يصبح الكلام مشروعاً وهنا يلام من يقسو قلبه ويرفض الصفح والنسيان ويرفض أن يقلب صفحة الآلام ويرفض أن يبدأ من جديد، وحتى إن رفض فذلك حقه، إنما هناك الكثيرين من أهل البحرين من ذوي القلوب الرحيمة والطيبة تغلب عليهم، إنما أعطه حقه أولاً.إنما المطالبة اليوم تأتي على أساس أنه لم يكن هناك حق عام، وأن من يقضي عقوبة لأنه أخطأ في حق القيادة فحسب وعلى القيادة العفو عنه، هذا إنكار وتجاهل واستكبار على الحق العام وعلى ما أصابه من ضرر، هذا تعال واستهانة بكل آلام الناس واستمرار بها بعد أن بدأها بشكل فاقع في أحداث 2011 أخونا صاحب الوردة الذي كان يميل برأسه مستكيناً يستعطف بها الناس وخنجره باليد الأخرى يطعن بها ظهرهم وحين كانت الناس تطالب من وقف في الدوار يعلن سقوط النظام أن يجلس ويتحاور مع شركائه ولا تأخذه العزة بالإثم، لكنه قال أنا الشعب والشعب أنا، اليوم الشعب الذي أنكرتموه هو صاحب الحق العام فاطلبوا منه العفو. والله إننا لا نريد أن نفتح الجروح الآن والوطن كله يعيش الأفراح وكنا نتمنى أن تكون فرحة الجميع ومشاركة الجميع، لكن لا تدوسوا على جرح مازال طرياً هو غافل عنكم فلا تنكؤوه.