اسمها جائزة نوبل للسلام ولها تفرعاتها في الأدب والكيمياء والفيزياء وغيرها.. أسسها النرويجي ألفرد نوبل بعد أن اخترع الديناميت، وأحس بخطورة تفاقم القتل والقوة في هذا العالم. ليس لها معايير واضحة على الرغم من الشعار الذي ترفعه بأن من يستحق نيل الجائزة يجب أن يكون من الشخصيات التي عملت على توحيد الشعوب والتحرير من العبودية وتقليص أعداد الجيوش وبلوغ اتفاقات السلام. رفضها الكثيرون مثل الأديب الأيرلندي جورج برنادرد شو والفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر. وحصل عليها من لم يقدم أي إنجاز مثل الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي حصل عليها لمجرد إعلانه مبادئه الديمقراطية التي انقلب عليها في قصفه لليبيا إبان احتجاجات ما سمي بالربيع العربي!!من أشهر الشخصيات العربية التي نالت جائزة نوبل للآداب الروائي العظيم نجيب محفوظ. يقال إن من يرد زيارة الحارة المصرية والتعرف عليها فليدخلها عبر بوابة نجيب محفوظ. روايات محفوظ قدمت قراءة فنية للواقع المصري، وتوصيفاً أدبياً للصراعات الطبقية والسياسية التي اجتاحت مصر من الثلاثينات حتى الثمانينات. وقيل إن السبب الحقيقي لمنح نجيب محفوظ جائزة نوبل للسلام هو مرافقته للرئيس الراحل أنور السادات في رحلته للكيان الصهيوني؛ الذي اعتبر في حد ذاته تطبيعاً ثقافياً وترويجاً فنياً لفكرة السلام مع إسرائيل. جائزة نوبل في كثير من القراءات هي شبهة وقع فيها نجيب محفوظ وكان في غنى عنها، لأنها وإن كانت قد عبرت برواياته من المحلية إلى العالمية، إلا أنها أبقت سؤال المعيار باقياً؛ لماذا (العربي) نجيب محفوظ تحديداً دون سواه؟! ومع هذا سقطت زيارة محفوظ للكيان الصهيوني من الذاكرة قريبة المدى للوعي العربي وبقيت الصبغة الإنسانية التي اتسم بها أدب نجيب محفوظ هي الإدراك الأول لكل من يقرأ أعماله الأدبية.وفي عام 2011م، نالت الناشطة اليمنية توكل كرمان جائزة نوبل للسلام لدورها في الثورة اليمنية ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وقد غدت الجائزة حينها عند كثير من الناس التفاتة جديدة من القائمين على الجائزة للأوضاع العربية وتسليط بقعة ضوء على واقع المواطن العربي المهمش. توكل كرمان كانت شخصية مغمورة عربياً ولم يعرف عنها أي نشاط خارج قطرها اليمني. إلا أن فوزها بنوبل قوبل بترحاب عربي كبير. ولكن بعد أن أصبحت كرمان شخصية مشهورة تتبع وسائل الإعلام تحركاتها وتصريحاتها انكشف الطابع الحزبي (الإخوانهي) لديها، واتضح برنامج أولوياتها الأيديولوجي. فالحملة الشرسة التي قادتها على الجيش المصري والرئيس عبدالفتاح السيسي بعد إسقاط نظام الإخوان في مصر وفض اعتصام رابعة ودعواتها لفرض عقوبات على الجيش المصري وعلى النظام المصري الجديد لا تتناسب مع انعدام أي دور حقوقي أو سياسي لها في بناء يمن بعد الثورة التي كانت أحد قادتها، ولا يتناسب مع هروبها من بلدها بعد تصاعد قوة الحوثيين في اليمن وتصريحاتها الخجولة والمنكسرة على اقتحامهم العاصمة صنعاء واقتحام منزلها شخصياً. سقطت توكل كرمان وجائزتها وبقيت فكرة المرأة العربية المناضلة التي تثور على النظام الجائر وترفع صوتها عالياً ضد الإقصاء والظلم والتهميش والفساد. سقطت توكل كرمان ليرتفع سؤال المعيار مرة أخرى لماذا العربية توكل كرمان تحديداً دون سواها؟.هذا العام تم منح الفتاة الباكستانية ملالا يوسف زاي البالغة من العمر 17عاماً جائزة نوبل، لدورها في النضال من أجل تعليم المرأة في إقليم سوات بباكستان الذي تسيطر عليه حركة طالبان؛ إذ حرقت الحركة مدارس البنات هناك ومنعتهن من الخروج للتعليم وحين قامت ملالا بتحدي الحركة وتدوين انتهاكاتها عمدت طالبان إلى محاولة اغتيالها التي نجت منها. وعلى الرغم من تفشي الحركات المتطرفة في العالم الإسلامي واستهدافهم النساء تحديداً وقيام حركات نسائية عديدة بمقاومة المد المتطرف المسلح مثل العملية الفدائية التي قامت بها الفتاة الكردية «رين ميركان» ضد تنظيم «داعش» بالقرب «عين عرب» في سوريا إلا أن منح الجائزة لفتاة صغيرة لم تقدم أي إنجاز حقيقي يعيد السؤال المعياري مرة أخرى: لماذا الباكستانية ملالا يوسف تحديداً دون غيرها؟. وحتى تجيب الأيام القادمة عن هذا السؤال ستبقى رمزية المرأة الحرة التي تحارب النخاسين وتدفع حياتها ثمناً لحريتها وكرامتها فكرة تلوح في أفق العراق وسوريا تحديداً بعد سيطرة تنظيم داعش على أجزاء كبيرة منهما وبعد أن فرض تنظيم القاعدة في إحدى قرى اليمن على النساء عدم الخروج من منازلهن دون محرم وبعد أن عادت أفغانستان قروناً طويلة للوراء إلى عهد الجاهلية الأولى التي يرى المجتمع أن باطن الأرض أحفظ للمرأة ولشرفها من السطح. ستسقط الجوائز وستبقى المرأة الشرقية في حرب دائمة للحفاظ على كينونتها وإنسانيتها. سيعود السجال كل عام حول جائزة نوبل وعن المعايير وعن الشخصيات الفائزة، خصوصاً الشخصيات القريبة من عالمنا العربي والإسلامي. وستدخل المراهنات والاختلافات على الشخصيات وستبقى الفكرة الإنسانية هي الأبقى وهي الأصح حتى وإن انحرف أصحاب الجائزة عن خطها.