لم يخطر على بال «بو أنس» وهو يتمشى في يوم عطلة على ضفاف نهر الراين في مدينة «ماينس» الألمانية، أن يجد البحرين حاضرة وبقوة في تلك البقعة، فعلى تلك المروج الخضراء وجد مجموعات من الشبان والعوائل وهم يستمتعون بأوقاتهم، شد انتباهه منظر «الشيشة» المنتشرة بين الشباب والشابات وهم يدخنونها، منظر غريب على ألمانيا دعاه للتوجه إلى مجموعة وسألهم ماذا تدخنون؟ فأجابوه بكل فخر، ندخن المعسل البحريني، قال أتعرفون أين تقع البحرين؟ قالوا لا، لكن هذا المعسل هو من أجود الأنواع ويأتينا من هناك.المهم سجلنا هدفا في مرماهم وأصبح لنا حضور في الغرب بصناعة، صحيح هم سجلوا حضورهم عندنا بأشياء كثيرة لا حصر لها، وكلما شاهدنا المرسيدس والبي أم دبليو في شوارعنا يقودها علية القوم تذكرناهم، لكن لا تدققوا كثيراً فالمعسل في النهاية هو صناعة، ومن يدري ربما يأتي يوم يدمنون عليه، عندها سنفرض شروطنا عليهم.لم يتوقف حضور البحرين على هذا الموقف – وليته توقف هنا -، فما أن تقدم «بو أنس» ليكمل طريقه حتى وجد بعد أمتار فتاة ألمانية تضع طاولة صغيرة كتب عليها «منظمة العفو الدولية» تتكلم مع الناس وتشرح لهم، وعندما اقترب منها صاحبنا توجهت له وبدأت بسؤاله، من أين أنت؟ قال لها من البحرين، فصعقت، وقالت له أنا آسفة لوضعكم، فبلدكم فيه عنف وانتهاك لحقوق الإنسان.. إلى آخر أسطوانة الأكاذيب التي سئمنا سماعها، قال لها ماذا تفعلين هنا؟ قالت أنا هنا للدفاع عنكم وأجمع توقيعات الناس لرفع الظلم عنكم، تركها تسترسل حتى انتهت، وقال لها: أتعرفين أين تقع البحرين؟ قالت أعرفها من التلفزيون، قال هل تريدين أن تعرفي أشياء أخرى؟ قالت ليتك تحدثني عن وضعكم المزري، قال نحن في جزيرة صغيرة في الخليج العربي، تعداد سكانها أقل من مليون نسمة، ليست هناك ضرائب تفرض علينا، قالت أنتم لا تدفعون الضرائب! قال نعم، والتعليم عندنا مجاني، ولكل مواطن حق في السكن والعلاج الطبي مجاناً، وعندنا برلمان منتخب ودستور، فقالت كيف يكون عندكم برلمان؟ سمعنا عكس ذلك، قال لها، نعم لأنكم تسمعون ما تقول إيران وتعملون من حيث تدرون أو لا تدرون لصالحها، إيران لها أطماع في البحرين وسخرت بعض أتباعها لإثارة المشاكل وها أنتم تروجون لهم وتدافعون عنهم، فقالت أريد معلومات أكثر. وعندما رجع إلى البحرين أرسل إليها ملفات تتحدث عن الواقع وليس الأكاذيب، وبعد فترة اتصلت به وقالت له عرفت الحقيقة ومن اليوم سأكون سفيرة للبحرين في كل مكان.فاتني ذكر شيء مهم وهو أن الفتاة كان بجانبها صورة كبيرة لأحد الإرهابيين بيده قنبلة مولوتوف -بحرينية الصنع- وهو يستعد لإلقائها ليروع الآمنين، تقول إنهم قالوا لها أن هذا الوديع المسالم يلقي المولوتوف ليدافع عن نفسه!، أيعقل أن البحرين التي عرف أهلها بالطيبة والسلام تشتهر بصناعة الدخان والنار؟ وأين ذهب طلبتها الدارسون في الخارج من هكذا تجمعات ليستثمروها لإبراز صورة البحرين الحقيقية وليفعلوا كما فعلت تلك المتطوعة؟