الرأي

وردك اليومي «1-2»

المسير


في الوقت الذي نحرص فيه على القيام بواجباتنا اليومية ومهام أعمالنا التي نكتبها عادة في «كراسة الأعمال» أو نستخدم الهاتف للتذكير بقائمة الأعمال اليومية ومواعيد الاجتماعات واللقاءات وكل ما يتعلق بالعمل أو بمتطلبات الأسرة والحياة، فإننا في الوقت ذاته نتثاقل في زحمة الحياة للقيام بواجباتنا اليومية التي فرضها لنا الله تعالى وسنها رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، هذه الواجبات المنسية التي أضحت على هامش الحياة، مع إنها الركيزة الأساس في بناء الشخصية وبناء الإيمان داخل النفوس الذي يزداد وينقص بإقبال العبد على ربه، وقيامه بكافة واجباته، وهي ما أسميناها «بالورد اليومي» التي بنبغي عليه أن يكتبها في قائمة مهامه اليومية حتى تكون فيما بعد جزء لا يتجزأ من حياته اليومية.
فكم واحد منا سأل نفسه: ما هي الأوراد اليومية التي ينبغي علي القيام بها وكتابتها في جدولي اليومي؟
من هنا ينبغي علينا الالتفات «للورد اليومي» لعلاقاتنا مع الله تعالى أولاً، وفي اتباع سنن النبي صلى الله عليه وسلم ثانياً، وفي كل عمل خير يقربنا إلى الله تعالى، ويكون لنا الزاد الإيماني نحو مسيرنا إلى الله تعالى، ومسيرنا نحو الفردوس الأعلى الذي نشتاق له، فدعونا خلال هذه الوقفة نتجول في رحاب «أورادنا اليومية» التي نتمنى تضمينها في أجندتنا اليومية وتجربة هذا البرنامج ضمن سعينا الحثيث للتجديد الإيماني المستمر.
* قراءة القرآن: قال سفيان الثوري رحمه الله: «سمعنا أن قراءة القرآن أفضل الذكر إذا عمل به». قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: «ألم» حرف، ولكن «ألف» حرف، و«لام» حرف، و«ميم» حرف». وأخرج أبوداود عن عبدالله بن عمرو أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم في كم يقرأ القرآن؟ قال: في أربعين يوما، ثم قال في شهر». وفي رواية البخاري قال له: «اقرأ القرآن في كل شهر، قلت: إني أجد قوة، قال: فاقرأه في سبع ولا تزد». ليكن وردك اليومي من القرآن ثابت في كل يوم، ووزع أوقاته في جدولك والتزم بها ولتكن قبيل أداء الصلوات المفروضات.
* الذكر: روى الطبري بإسناده إلى عون بن عبدالله، قال: «أتينا أم الدرداء نتحدث إليها، قال: ثم قلت: يا أم الدرداء، لعلنا أمللناك؟ قالت: أمللتموني والله، لقد التمست العبادة في كل شيء، فما وجدت شيئا أشفى لنفسي من مجلس الذكر، قال: ثم اختبأت، ثم قالت لرجل: اقرأ: «ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون»». رحمها الله سعت للمحافظة على «ورد الذكر» فلم يشغلها شاغل، ولم تقبل بأن «يسرق» البعض عنها وقتها المخصص للذكر.
* الاستغفار: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة». احرص على أن يكون «ورد الاستغفار» في برنامجك اليومي، 100 مرة أو أكثر، وحتى تتدرب عليه ضع له «وقت محدد» حتى يكون لسانك رطبا به.
* التسبيح والتهليل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال، أو زاد عليه». رواه مسلم. وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الكلام إلى الله تعالى أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت». فالتزم بها بعد كل صلاة ضمن جدولك.
* ورد الأذكار: وردت العديد من الأذكار الخاصة بالصباح والمساء والواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، احرص على قراءتها في الصباح بعد الفجر وفي المساء بعد المغرب، ووردت العديد من الأحاديث حول ذلك منها على سبيل المثال لا الحصر، ما ورد. عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال: «ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟» قالت: نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم، لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته». أتذكر في مرة ركبت السيارة مع أحد أساتذتي، فذكرنا: «دعونا قبل أن نتكلم في أي شيء، أن نردد أذكار المساء».
عفوًا لسراق الوقت، لم نعد نملك الوقت الكافي لكي نعطيه لكم، أجندتنا اليومية مزدحمة بكل خير يقربنا إلى الله تعالى، فتعالوا معنا نكتبها في صحيفتنا اليومية، علها تشفع لنا عند الملك الديان، ونرتقي بها في درجات الجنان.