تحليلات كثيرة قدمت خلال الفترة الماضية وحتى الأمس تتحدث عن الظروف الإقليمية وتأثيراتها على الأوضاع السياسية الداخلية في المملكة، ومعظمها يركز على أن ضرورة التريث وانتظار الترتيبات الإقليمية في الخليج العربي أو منطقة الشرق الأوسط ليتم حسم المواقف والترتيبات السياسية الداخلية. هذه التحليلات وصلت إلى مرحلة يتم فيها الفصل بين الشأن السياسي والحقوقي، حيث يقول أحدهم إن الأوضاع السياسية ستكون مستقرة ولن تكون هناك ضغوطات دولية على البحرين من أجل المزيد من الإصلاحات السياسية، ولكنها بالمقابل ستواجه ضغوطاً سياسية خارجية من أجل المزيد من الإصلاحات الحقوقية تنفيذاً لالتزامات المملكة بالاتفاقات الدولية في مجال حقوق الإنسان. جميع هذه التحليلات قد نتفق معها، وقد نختلف، ولكن الأهم هو التجاهل المقصود للظروف والأوضاع السياسية الداخلية. فالتحليلات عندما تركز على ارتباط الأوضاع السياسية الداخلية في البحرين بمحيطها الإقليمي، فإنها تتجاهل ارتباطها الأهم والأوثق بالمعطيات الداخلية. والسؤال هنا؛ هل تغيّرت الأوضاع الداخلية حتى نقول إن الظروف الإقليمية غير مهمة؟لا يمكن تقديم إجابات قطعية، ولكن ثمة العديد من المؤشرات تمت خلال العام 2014 تثبت التطورات الداخلية التي تمت وهي مؤشرات تعطي دلالات مختلفة تؤكد تجاوز البحرين حالة استقرار الفوضى التي كنا نتوقع أن تستمر ما بين 10 ـ 15عاماً. بعيداً عن تلك المؤشرات وإمكانية تجاوز استقرار الفوضى، انتهت بالأمس مرحلة تسجيل المترشحين للانتخابات النيابية والبلدية، وكانت هناك عدة مفاجآت وتطورات هامة، أولها ارتفاع عدد المترشحين الذي تجاوز عدد من ترشحوا في آخر استحقاق انتخابي عام 2010، وهو ما يعكس الدعم الشعبي للتحول الديمقراطي والمشاركة في العملية السياسية رغم تباينات المواقف. أيضاً من الواضح أن هناك الكثير من الشخصيات السياسية التي آثرت الابتعاد بعد عمل برلماني تراوح بين 8 ـ 12 عاماً، وهو ما فتح المجال أمام منافسة سياسية جديدة شجعت فئة جديدة في المجتمع على الانخراط والمشاركة بفاعلية في العملية السياسية، وهي تحديداً فئة الشباب، حيث تعد الترشيحات النيابية والبلدية عن فئة الشباب في هذا العام هي الأكثر منذ العام 2002، خاصة بعد أن ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي في بناء نفوذ هائل لهذه الفئة داخل النظام السياسي البحريني. كذلك من اللافت تراجع مشاركة مترشحي الجمعيات السياسية لصالح المترشحين المستقلين، وهي تطور هام يعكس قناعة كوادر الجمعيات على تراجع نفوذهم السياسي خلال الفترة الماضية، وعدم قدرتهم في الحفاظ على النفوذ الذي تمكنوا من بنائه طوال عقود من الزمن. مما يعني صعود نخب جديدة داخل النظام السياسي. هذه مجموعة من التطورات المتعلقة فقط بالانتخابات لتؤكد قناعتنا في النهاية أنه رغم أهمية الظروف والتحولات الإقليمية، إلا أنه لا يمكن تجاهل التطورات الداخلية وهي الأهم.