أيام قلائل تفصلنا عن انطلاق المسيرة الوطنية الكبرى وهدفها هذه المرة هدف نبيل لا لبس فيه، والمحرك والدافع له هو شوق نابع من داخل النفوس لا من خارج الحدود. سيتوجه الناخب من كل صوب وحدب من رجال ونساء شيب وشباب إلى صندوق لا ينبض بالحياة إلا بعد أن يمتلئ بلمستكم الحانية وصوتكم الذي سينعكس صداه تهليلاً وتكبيراً محبة لبلدنا، والذي كان ومازال قلعة من قلاع الإسلام ومحط الحرية وركناً من أركان الحضارة البشرية وإحدى شواخصها.وشتان بين مسيرتين؛ مسيرة وضاءة تنطلق مع بزوغ الشمس في الثاني والعشرين من نوفمبر الخير تحمل بين ثناياها الأمل والتطلع لغد مفعم بالحياة والعنفوان وجهتها كل الوطن، ومسيرة خبت وانزوت انطلقت يوماً تحت جنح الليل وخيطت ونسجت خيامها في زوايا مظلمة بخيوط أشبه بخيط العنكبوت، والتي ما صمدت مع أول هبة ريح عصفت بها بعد أن اتخذت من قلوب بعض المرضى مرتعاً.ممارستك للديمقراطية والحرية وأنت مطمئن البال وقدرتك بإيصال صوتك رفضاً أو قبولاً أو امتناعاً، نقداً أو رضا؛ هو خير وأنفع للشعوب والبلدان من تحشيد النفوس والدفع بها نحو المعلوم وليس المجهول من الخراب والدمار والتشبث بالغريب لمعاداة أهل الدار.ما أحلى وأجمل هذا التنافس الشريف بين المرشحين؛ فبعضهم يحمل أهدافاً متجهاً أقصى اليمين وجاره في الخيمة الأخرى ضارباً أقصى اليسار دون أن يسفه أحدهم الآخر، ليشاهد العالم البحرين بحلتها وزينتها وتآلف طوائفها وحالتها الصحية المتحضرة، وما يميز هذا العرس عن سابقاته هو الهدف البارز الذي جمع الكل في شعارات تنم عن وحدة فكر وهدف وتمثلت في «البحرين أولاً - حب البحرين - البحرين تجمعنا - أمن البحرين - التغير قادم»، نعم هذا الذي لمسه المواطن ولمسناه من رجال نحسبهم قد قدموا أنفسهم جنوداً يتقدمون الصفوف ليبدؤوا مرحلة جديدة من البناء والتغيير.لم يأت ذلك من فراغ؛ فالجميع قد استشعر الخطر بعدما حل من نكبات في بلدان كانت آمنة مستقرة يأتيها رزقها رغداً فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الخوف والجوع، وأنعم الله التي يكفر بها كثيرة، ولا تنحصر بجحود رزق أو إغماط حق؛ فتخريب أمن البلاد والعباد وتحريض الأطفال والجهلة والملثمين هو سنام الكفر بأنعم الله، وبث الفرقة بين أبناء البلد الواحد هو نوع آخر من الكفر بأنعم الله، والائتمار بنهج الأعداء هو لا شك من الكفر بأنعم الله، والدعوة لتصفير الصناديق هو يقيناً كفر بأنعم الله، ومعاداة ولاة الأمر هو بالتأكيد كفر بأنعم الله.زحفكم للصندوق هو من سيعيد الأمور إلى نصابها، وهو من شكر النعم، وهو من سيفتح الآفاق الرحبة لمستقبل زاهر ومجتمع آمن، وهو من سيقضي على من فكر أو راهن يوماً لجر البحرين لأتون فتن وتطاحن طائفي، متوهماً بالقدرة على لبننتها أو عرقنتها فخاب بتماسككم فأله.