ما جرى من حراك دبلوماسي في الأيام المنصرمة في مملكتنا العزيزة برهن للعالم أن القيادة البحرينية في أوج قوتها وتماسكها، بل أعطى انطباعاً بأن هذا البلد الكبير بقيادته المتواضع في مساحته أذهل جميع الدوائر الدبلوماسية وصناع القرار العالمي، إن هذه الدولة تتعامل بالند وبالمثل مع أعتى وأكبر الدول ولا ترضى أن تكون تبعا ًولا كوكباً تدور في فلك أي مدار، وهي صاحبة المبادرة والقرار.وهذا التوصيف والجراءة السياسية والثقة بالنفس قلما نجده في دول المنطقة بل لا تتجرأ كبريات عواصم العالمية أن تتعاطى معه.إن التصدي لملف شائك يراد به تمزيق نسيج وطن آمن وتكرار تجربة ولدت ميتة في دول وأوطان جارة ضاق بها أهلها وأدت إلى هلاك مكوناته وطلاق بائن؛ ما هو إلا الحنكة والحكمة لرجال وقادة حباهم الله بفضله وألهمهم فصل الخطاب ووأد الضغائن.ما يستوقفنا هو التوقيت الحرج وفي هذه البقعة الساخنة من العالم وما تشهده من غليان كغلي القدور وسط ترقب وذهول لما ستؤول إليه الأمور. استبقت القيادة الرشيدة الأحداث وبعثت بإشارات قوية وواضحة ألا سكة تصلح لجري القاطرة الغربية والمقطورة الإيرانية التي أضلت طريقها ودخلت نفقاً مظلماً في أرض الرافدين، بعد أن أرهق ركابها المتآمرين وقفز كثير منهم مذعورين وتحطمت عظام الباقين من كثرة مطباتها، لكن صناع تلك القاطرة قرروا تغيير مسارها صوب حضارة أرض دلمون المنظورة، ولا يحلو لهم أن تجر خلفها عربات مهجورة، فاستقلها قصار النظر متوهمين أنها سنام المعمورة.لكن فطنة ودهاء راعي أوال المشهورة كانت أسرع من جري تلك القاطرة الموتورة، ففعل أدواته من عيون ساهرة وأيد ماهرة، فأفلح في تعطيل فرملة عجلاتها المنخورة، فتدحرجت وقائدها المهووس إلى وادٍ عميق ذي وعورة. وأحيط علماً ركابها المغفلون بتوقف الرحلة والسماح لهم بالنزول منها إلى رصيف السلامة، والذين أُوهموا أو كانوا يحلمون أن تقلهم تلك الرحلة إلى جزر الخلد والسعادة وفوزهم بالصدارة والريادة.عودوا لرشدكم يا من سول لكم الشيطان الأكبر وأعوانه بالخفاء العدو الأصغر، ولا تغرنكم تلك القاطرة بأضوائها البراقة ومقاعدها الوفيرة العملاقة. وأصواتها النشاز التي تبثها من أبواقها سمفونية لا تسمع منها إلا الصفاقة وألوان الحماقة، والتحقوا بركب النجاة ففيها عنوان للكرامة وسبيل للحياة.