أجيال جديدة تظهر تحمل في مخيلتها أفكاراً إبداعية تنهل من ثقافات وإرث الآخرين لأجل التطور مؤمنة في إمكانياتها ومستندة على الانفتاح الإعلامي الكبير غير المسبوق. إعلام مؤثر بشكل لا يصدق على جميع مجالات الحياة حتى باتت الثقافات ليست حكراً على مجموعة معينة من البشر بل رأينا جيلاً يحمل مزيجاً منها. كرة القدم ليست مستثناة عن هذا الانفتاح والتطور، فلم تعد المدارس الكروية على سابق عهدها كالمدرسة الهولندية الشاملة التي تعتمد على الانتشار وتبادل المراكز، والمدرسة اللاتينية التي تعتمد على المهارة والإمتاع والتمرير القصير والمدرسة الألمانية التي تعتمد على القوة البدنية والكرات الهوائية. بل شاهدنا منتخبات في بطولة كأس العالم الأخيرة أضافت وطورت من الفكر التقليدي فانتهجت أساليب وطرق لعب جديدة مستفيدة من تجارب وفلسفة المدارس الأخرى. إذا أردت الجودة فعليك بالمنتج الألماني. هذه المقولة لم تأتِ جزافاً، فتميز الألمان في الانضباط والدقة والإتقان في العمل أهلهم لاحتلال مركز الريادة، فما بالك لو أضفت عليها الموهبة؟ بالتأكيد الناتج سيكون رائعاً. يواخيم لوف المدرب الذكي للمنتخب الألماني طور من أفكاره وقدراته من أجل قيادة جيل موهوب مستفيداً من قوة بوروسيا دورتموند وتنوع أسلوب لعبه وكذلك سطوة البايرن وجماليته في الأداء مع الاحتفاظ بالعقلية الألمانية التي تعتمد بالمقام الأول على الانضباط، القوة والجماعية. لذا رأينا منتخباً واثقاً من نفسه يلعب بطرق متعددة وجميلة قادها مجموعة منسجمة من اللاعبين تملك التجربة، الحنكة والموهبة أهلتهم بكل جدارة واستحقاق لنيل بطولة كأس العالم من أرض البرازيل. أعتقد بأن الكرة الألمانية ستعود لتحكم قبضتها على عرش الكرة العالمية. لويس فان غال مدرب منتخب هولندا أعطى مثالاً آخر لتطور الفكر التدريبي عندما فاجأ الجميع بتنوع طرق اللعب والأساليب وكيفية التوظيف الصحيح للاعبين، فكان قريباً من التأهل للمباراة النهائية لولا ضربات الحظ الترجيحية التي لم تنصفه ولم تنصف لاعبيه وجمهوره المتشوق لإحراز البطولة الأولى للطواحين.الكبير مانشستر يونايتد وجمهوره في انتظار الكبير فان غال. قدم لنا المتعنت سكولاري مدرب المنتخب البرازيلي نموذجاً سيئاً في كيفية إدارة الفريق والاختيارات، فلم نكتشف هوية للمنتخب ولا طريقة لعبه. بل اكتفى سكولاري على النجم الأوحد والشحن العاطفي فكانت النتيجة انهياراً لتاريخ وسمعة البرازيل. سكولاري كالغراب الذي أراد أن يقلد مشية الحمامة ففشل، فحين أراد أن يعود لمشيته نسيها.