الكيان الوحيد في العالم الذي بمقدوره فعل ما يشاء وقتما يشاء وبالطريقة التي يرتئيها، هي إسرائيل مغتصبة الأراضي الفلسطينية العربية!يحصل ما يحصل اليوم من هجوم وقتل وذبح لإخواننا الفلسطينيين والولايات المتحدة صامتة واقفة وتتفرج، والمفارقة أنه لو يحصل ربع هذا الشيء في مواقع أخرى ومن كيانات ودول أخرى لرأيتم التحرك الأمريكي السريع الذي قد يصل حتى للتدخل العسكري وفرض عقوبات متنوعة.كل المسرحيات التي كانت تدار خلال العقود الماضية تحت عناوين «مفاوضات» و«تفاهم إعلان الدولة الفلسطينية» و«وقف النار» وغيرها من شعارات فارغة، كانت تتم بموافقة أمريكية حتى يتم تحييد الجانب الفلسطيني في جانب و«تخدير» العرب في جانب ثانٍ، وإسكات الأمم المتحدة «العاجزة أصلاً» في جانب آخر، في حين كانت الآلة الإسرائيلية مستمرة في العمل سواء من خلال التوسع في بناء المستوطنات، أو فرض الحصار على أي بقعة حسب الرغبة والمزاج، وممارسة القتل والاجتياحات والتعذيب والسجن وغيرها.الولايات المتحدة التي تضغط على كثير من الدول عبر «الكيانات» التي أسستها والمعنية بـ «المتاجرة» في حقوق الإنسان، لا تكترث أبداً بحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، دائماً خطاباتها -بشأن أي توتر يحصل ويسفر عن قتل عشرات ومئات من الفلسطينيين مقابل عدم إصابة جندي إسرائيلي واحد مدجج بالسلاح- كانت خطابات لغتها تتمثل بدعوة الطرفين للهدوء وضبط النفس، خطابات تساوي الجلاد بالضحية، بل أحياناً تلوم الضحية على أنها ماتت أمام إجرام الجلاد!!العالم ليس مغفلاً كما كانت تريد له واشنطن، واليوم التفاعل الغربي من قبل شخصيات مؤثرة ودول وأجهزة ومؤسسات لربما يكون أوقع أثراً من التفاعل العربي حتى، فالأخير انحصر جهده على جمع المساعدات الدائمة لإخواننا الفلسطينيين، رغم أن الخطوة هذه هامة ومطلوبة، لكنها تأتي وكأنها «كفارة» عن الحراك العربي المطلوب المفترض أنه يفضي إلى الوصول لنهاية حتمية لوقف هذا العدوان والظلم الجائر. هذه النتيجة لن تكون إلا بمواقف عربية موحدة قوية تتخذ بحق الولايات المتحدة الأمريكية نفسها باعتبارها الحامية الصائنة للإرهاب الإسرائيلي، وبحق كل جهة تدعي أن لها ارتباطاً وتعاوناً وثيقاً مع العرب وفي الوقت نفسه تدعم وتحمي إسرائيل.البريطانيون بوعد «بلفور» المشؤوم زرعوا بذرة الشر الإسرائيلية في قلب فلسطين، لكن الولايات المتحدة هي اليوم التي تساهم في إبادة الشعب الفلسطيني وإهانة كل العرب عبر دعمها للوحشية والإرهاب والتعذيب والقتل وانتهاك حقوق الإنسان، وهي الممارسات التي لا يبرع فيها إلا الإسرائيليون بجدارة.من يقول بأن واشنطن لا تملك شيئاً في يدها لتفعله حيال ما يحصل حالياً في غزة، فهو يخادع نفسه ويقبل بأن يستمر موهوماً بـ «الفبركة» الأمريكية القائلة بأن لا سلطة لها على إسرائيل، في حين أن الواقع يقول بأن أكبر مساعدات مالية في العالم تقدمها أمريكا بشكل دائم لإسرائيل، وأكبر دعم لعملية التسلح وصناعة ترسانة حربية مدججة وحتى نووية هي ما يحصل في إسرائيل بدعم أمريكي لا تشوبه شائبة تردد واحدة. بل إن ما يحصل في دول العالم العربي بالأخص والإسلامي عموماً من خلق لتوترات وصراعات ودعم للفوضى الخلاقة واختراع مخططات مثل «الربيع العربي» و«الشرق الأوسط الجديد» و«الحرب على الإرهاب»، كلها أمور ابتكرتها الولايات المتحدة وهدفها تأمين وضع ربيبتها إسرائيل وحمايتها. حتى الصراع الأمريكي الإيراني في ظاهره وباطنه ليس الهدف منه الحفاظ على استقرار منطقة الشرق الأوسط أو حماية الخليج العربي بل حماية إسرائيل، إضافة إلى الاستفادة من هذه الحالة لغرف المزيد من خيرات دول المنطقة عبر تعزيز التواجد الأمريكي فيها.بالتالي من يقتل الفلسطينيين اليوم في غزة؟! أهي إسرائيل؟! أم الولايات المتحدة التي لو «تجرأت» الأمم المتحدة لمرة في تاريخها باتخاذ قرار ضد إسرائيل على خلفية إجرامها الفاضح، لكانت واشنطن أول من يستخدم حق النقض «الفيتو» ولكان ساكن البيت الأبيض أو من يخرج بتصريحات يرفض فيها أن يضايق المجتمع الدولي إسرائيل؟!ولماذا ذلك؟! لماذا تواصل أمريكا في استعداء العالم العربي والإسلامي وتحصد استهجان واستنكار حتى كثير من الدول الغربية التي تنطق من منظور إنساني بشأن ما يحصل في الأراضي الفلسطينية من بشاعة؟!الأسباب كثيرة، والشرح يطول. لكن زبدة الكلام تكمن في أنك قد تصنع «مسخاً» لتسيطر عليه، لكنه قد يطور من نفسه ويتغلل بداخل مناطق نفوذك ليسيطر عليها وبالتالي تتحول أنت إلى رهينة لديه!بتعبير أبسط، الاقتصاد الأمريكي تتحكم فيه إسرائيل (أقطاب المال اليهود)، الإعلام الأمريكي والعالمي يملكه الإسرائيليون (أباطرة الميديا اليهود)، وحتى من يصل لسدة البيت الأبيض ومن يرحل يتم تقرير ذلك في «تل أبيب» لا عبر صناديق الانتخاب الأمريكية.بالتالي واشنطن تدفع الضريبة بحماية ابنتها الإسرائيلية المدللة، ولا عزاء للعرب مهما سالت دماؤهم!