بين من يحاول تسويق فكرة (الحل الأمني) ومن يحاول تسويق فكرة (الحل السياسي) كلها أفكار وهمية وغير واقعية، ولا تستهدف تحقيق المصلحة العامة؛ بل تستهدف تحقيق المصلحة الخاصة وتعميم الضرر على الجميع.وطرحها بين وقت وآخر هي إما لإضاعة الوقت أو لإشغال الرأي العام بأطروحات للإقناع الذاتي لا أكثر. هل البحرين بحاجة إلى ما يسمى بـ (الحل الأمني)؟ وهل البحرين بحاجة إلى ما يسمى بـ (الحل السياسي)؟لا أعتقد أن البحرين بحاجة إلى هذه الحلول، بل ما تحتاجه معركة طويلة مفتوحة طويلة الأمد يتعلم فيها الجميع، وتترسخ فيها ثقافة سيادة القانون بين مختلف الأفراد وبين جميع مؤسسات المجتمع المدني، والأهم الجمعيات السياسية التي بنيت على (باطل قانوني). الحاجة الآن هي مساءلة من يتورط في التحريض على العنف والإرهاب وملاحقته قضائياً، والحاجة أيضاً تتطلب ملاحقة المتورط في الإرهاب قضائياً، والحاجة تتطلب ملاحقة من يتصل بالخارج قضائياً، والحاجة تتطلب ملاحقة من يشكل تنظيمات خارج القانون قضائياً، والحاجة تتطلب مساءلة ومحاسبة من يستغل المنبر الديني قضائياً، والحاجة تتطب من يجمع أموالاً مشبوهة باسم الدين أو السياسة قضائياً، والحاجة تتطلب مساءلة ومحاسبة من يسيء ويشوّه سمعة الدولة قضائياً.. حاجات كثيرة لا تنتهي تتطلب حسماً قانونياً. من الأخطاء الفادحة في أي مجتمع أن يتم تجاهل من يتجاوز القانون، ويترك حتى يتمادى دون مساءلة أو محاسبة قانونية. لأن ذلك يؤثر سلباً على هيبة الدولة، ولا يدفع نحو ترسيخ دولة المؤسسات والقانون، بل أن تكرار التجاوزات يدفع نحو مزيد من التجاوزات. أمام هذه المطالب والحاجات البحرين تنتظر مئات القضايا والدعاوى القضائية لتنظرها المحاكم الوطنية وتحسمها، وإن احتاجت سنوات أو حتى عقوداً من الزمن. فكرة سيادة القانون تتطلب من كافة الأطراف قبولاً طوعياً بالتقاضي والاحتكام للقوانين الوطنية، والحصول على محاكمة عادلة ونزيهة، وحق الاستئناف أيضاً. وبالتالي لابد أن يلتزم الجميع بالأحكام القضائية وإن لم تتناسب وأمزجتهم.المعركة المطلوبة في البحرين قانونية، ويجب أن تبدأ الآن بعد أن تأخرت كثيراً، ومن لديه حق سيناله، ومن لديه دعوى يجب أن ينظر فيها، وعلى الجميع الالتزام بمخرجات هذه المعركة مهما كانت. على المدى الطويل، فإن نتائج هذه المعركة ستكون مفيدة، لأن مكونات المجتمع وأطراف الصراع السياسي سيدركون عدم جدوى الصراع خارج نطاق القانون، وهذا الخيار من شأنه المحافظة على السلم والأمن الأهلي، ويحافظ على تماسك المجتمع أمام الأجندة الخاصة التي ابتلى بها البحرينيون.