لم تحرك حرب الصهاينة على قطاع غزة المشاعر كما كان يحدث في كل حرب سابقة، رغم حجم الدمار الكبير للقصف الصهيوني، ورغم عدد الشهداء الذي تجاوز 178 شهيداً، وإصابة 1280 إصابة.جاءت الحرب والعالم منشغل بمباريات كأس العالم، فبدل أن نشاهد التطورات في غزة، تسمرنا أمام التلفاز لمشاهدة المباريات من فاز ومن خسر، وأخذنا نطلق نقاشات حادة بيننا حول الفريق الأفضل ومن يستحق اللقب.في ذات الوقت كانت القذائف الصهيونية تسقط على أهلنا في غزة، والحرب دائرة في سوريا، والحرب دائرة في العراق، والأوضاع غير مستقرة في ليبيا، كل هذا الذي يحدث إنما هو ضمن مخططات معدة سلفاً، حتى تصبح القضية الأم والقضية المحورية للعرب والمسلمين قضية هامشية.أصول اللعبة هي أن أجعل كل بلد ينشغل بأوضاعه الداخلية، أو أن نجعل أبناء الشعب الواحد يقتتلون فيما بينهم، وهذا ما يحدث اليوم في كل من «سوريا، العراق، ليبيا، مصر، اليمن» وحين يحدث هذا فلن تكون هناك دولة قوية تستطيع أن تعبر محيطها إلى قضايا إقليمية مجاورة، فإذا انشغلت مصر «مثلاً» بالحرب بين أفراد شعبها، وصار الشعب المصري يخوض حرباً ضد جيش بلاده، فإن مصر الدولة المحورية لن تستطيع أن تقدم المساعدة أو الدعم إلى أي طرف عربي أو خليجي.شهداء يسقطون في غزة وحرب إجرامية صهيونية قذرة، ولا أحد يعبأ أو حتى يقدم المساعدات، هكذا تدار اللعبة، أين يتم إضعاف الدولة وأن تتم هزيمة الدولة بأيادي أبنائها، فتصبح حالة الفوضى هي الحالة التي تعيشها البلدان والشعوب.المخطط الأمريكي أو سايكس بيكو الجديد هو إنهاك الدولة وتفتيتها، وجعل التناحر بين أفراد الشعب يفضي إلى انقسامات، وإلى طلب الانفصال عن الدولة الأم وتشكيل دولة جديدة، ليس بفرض من الغرب، وإنما بتحريك النزعة الانفصالية بين الطوائف والأعراق.نحمد الله أن مخططهم للبحرين وصولاً للسعودية لم يتحقق، كل المؤامرات التي تحدث إنما الهدف منها الوصول إلى بلد الحرمين وجعلها مثل باقي الدول العربية المتناحرة فيما بينها على خلفيات مذهبية، أو عرقية، أو حتى تحريك أبناء الطائفة الواحدة ضد بعضهم استغلالاً للانقسامات في الأفكار والتوجهات الدينية.شغلونا بالخريف العربي عن قضيتنا المحورية وهي القدس وفلسطين، انشغلنا بالحرب في سوريا أولاً، ثم انشغلنا عن حرب سوريا بأحداث مصر، وفي كل هذه الأثناء لم تتوقف الأحداث في ليبيا، ولا في اليمن، ثم شغلونا بحرب العراق عن الحرب في سوريا وعن الحرب الصهيونية في غزة، وهكذا، أصبحنا لا نعرف ما هي قضيتنا، كل يوم تخرج قضية جديدة تجعلنا ننشغل عن القضايا التي حدثت قبلها.تدمير الدول العربية الكبيرة من غير إراقة دم جندي أمريكي واحد كان هو الهدف، وهذا يتحقق اليوم ونحمد الله أن تدمير مصر لم يتمكنوا منه برغم أن مصر هدف كبير لهم، لكن ذلك يحدث في دول أخرى، في الوقت الذي يريد فيه الأمريكان إحياء محاولات الانقلاب على الأنظمة الخليجية مجدداً بعد فشل محاولة الانقلاب بالبحرين.الخليج والنفط والأموال والطوائف والوصول إلى الهدف المنشود وهو تفتيت السعودية هو هدف الأمريكان الأكبر «ربما يتحينون ذلك بعد انتهاء حكم أبناء عبدالعزيز بن سعود ويبدو أنهم لديهم حساباتهم وتحالفاتهم في ذلك الحين» فهم اليوم يحركون أو يخلخلون المناطق حول السعودية، سوريا، اليمن، العراق، وكانت البحرين معهم، والكويت ليست بعيدة كذلك، ونحن نرى ما يجري في الكويت وحولها.نسينا القدس وفلسطين، ولم تحرك حروب غزة غيرتنا على أهلنا، كثرت الدوائر الصغيرة حولنا، انشغلنا بها، ولم نعد نوسع اهتمامنا بأهم وأكبر قضية مصيرية للعرب والمسلمين وهي تحرير القدس وتحرير فلسطين.