يقف الإنسان حائراً أمام الصمت العربي والدولي، الرسمي ونصف الشعبي، تجاه العدوان الصهيوني على أخوة لنا في غزة، ولا يمكن تفسير هذا الصمت المريب في ظل استباحة القطاع وقتل وتدمير كل ما هو فلسطيني.ليس هذا وحسب؛ بل هناك من يشكك حتى في المقاومة الفلسطينية التي تقف وحدها اليوم في مواجهة هذا العدوان الغاشم والآته الهمجية على غزة، بل ويتهمونها بكل وقاحة أنها دخلت «مغامرة» غير محسوبة النتائج حتى حصل ما حصل، ولهذا فإن الملام في كل هذا العدوان هي قوى المقاومة الفلسطينية وليست إسرائيل!لو سلمنا بها جدلاً بيزنطياً عربياً انبطاحياً وقلنا إن حركة المقاومة الإسلامية لم توفق في تقديراتها في معركة غزة الأخيرة، ولو سلمنا أنها أخطأت في حساباتها وتقديراتها العسكرية في حربها ضد الكيان الصهيوني الغاصب، هل يحق لإسرائيل أن تفعل ما فعلته وتفعله في قطاع غزة بسبب خطأ تقديرات المقاومة؟ وهل يجوز للصهاينة قتل مئات الفلسطينيين وجرح الآلآف منهم لذات الحجة الواهية؟ وهل أن التقديرات غير المحسوبة لحماس وفصائل المقاومة الفلسطينية لو أسلمنا بصحتها، تعتبر مبرراً منطقياً من أجل سفك الدم الفلسطيني أمام مرأى ومسمع من العالم؟ ولو أخطأتْ المقاومة، هل يحق للصهاينة أن يعيثوا فساداً لا حدود له في قطاع غزة، كما نشاهده اليوم؟إن لوم المقاومة الفلسطينية بحجج واهية في مقابل تبرئة الكيان الغاصب مما يجري على الأراضي الفلسطينية من مجازر مروعة يندى لها جبين الإنسانية، لهو خسة ودناءة، فالتقديرات الخاطئة للمقاومة الفلسطينية التي لو سلمنا بها جدلاً، وهي في الواقع لم تثبت لدينا حتى الآن، ولم يأتِ العدو بإثبات صحتها، لا يمكن أن تكون غطاء شرعياً عربياً بامتياز من أجل ذبح أطفال غزة وقتل نسائهم وهدم منازلهم، ولا يمكن تحت هذا العذر الذي هو أقبح من الذنب نفسه، أن نحول الجلاد إلى ضحية، والضحية إلى إبليس الرجيم، ومن يقول بهذا فإنه يهدف إلى تبرير العدوان الصهيوني ضد الفلسطينيين جملة وتفصيلاً، وما أكثر من يتبنى هذا الرأي المنحط من العرب مع كل الأسف والأسى!ما قلناه قبل قليل حول رأي بعض العرب ممن يتهمون المقاومة الفلسطينية، لا يمكن أن يصنَف بأنه تحليل سياسي أو عسكري أو حتى يرقى لأن يكون رأياً سياسياً حراً، بل كلها أقاويل وأكاذيب يغلفها الخبث والحقد، ولهذا أصبحت المقاومة المشروعة التي تناضل وتدافع عن الدم الفلسطيني في نظر هؤلاء الانبطاحيين تهوراً، والصمت العربي والدولي تجاه الهجمات الصهيونية البربرية الوحشية حكمة بالغة.ألسنا في زمن العجائب؟ ألسنا في عصر الزيف والتدليس؟ فما الغريب إذاً حين يتهم الفلسطينيون بكل هذه التهم الكيدية، والتي حتى هذه اللحظة لم تستطع إسرائيل نفسها أن تكشف لنا حقيقة اختطاف وقتل المستوطنين الثلاثة بالدليل القاطع، بينما يختلق بعض العرب الأعذار الواهية للصهاينة في تبريرهم ذبح الفلسطينيين على مذبح الصمت العربي. إننا نتساءل وللمرة الاخيرة، ألسنا في عصر الخذلان؟ نعم، نحن اليوم نعيش أزهى مراحله المخزية، ولا كلام بعد هذا الكلام يقال، فلك الله يا غزة، ولأعدائك الذلة والعار.
Opinion
ما يقوله المنافقون العرب
24 يوليو 2014