تميز حكم الرئيس جورج بوش الابن بالإعلان عن تفاصيل مشروع الشرق الأوسط الجديد من خلال الفوضى الخلاقة، وإقامة التحالفات الأمريكية مع الجماعات الإسلامية في المنطقة، ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وكافة تنظيمات ولاية الفقيه المدعومة إيرانياً. كل هذه التفاعلات لم نرها في حكم الرئيس بوش الابن، بل كانت واضحة في حكم الرئيس باراك أوباما، ولذلك رأينا الثورات والاحتجاجات العنيفة في الدول العربية التي قادتنا لاحقاً إلى موجة التطرف والإرهاب الراهنة.مراجعات في واشنطن قادت إلى إعادة النظر وتقييم التحالف الأمريكي مع الجماعات الإسلامية، فاعتبرتها بعض مراكز الأبحاث ودوائر صنع القرار بأنه خطأ استراتيجي، والبعض الآخر وصف هذا التحالف بأنه سبب رئيس في تزايد نفوذ الجماعات المتطرفة على غرار داعش وغيرها. الآن ثمة اتجاه آخذ بالتصاعد لإنهاء التحالف الأمريكي مع الجماعات الإسلامية، ومن الواضح أن من يقوده هم الجمهوريون، حيث ظهرت تصريحات عدة متتالية تنتقد هذا التحالف «المصطنع»، فمثلاً وصف نائب الرئيس الأمريكي الأسبق ديك تشيني الإخوان المسلمين بأنهم المصدر الأيديولوجي للإرهابيين الأكثر راديكالية حول العالم. واعتبرهم أصل جميع الجماعات الإسلامية التي تتعامل معها واشنطن الآن مثل حماس وتنظيم الدولة الإسلامية «داعش». تشيني المعروف بدوره خلال حكم الرئيس بوش دعا الإدارة الأمريكية إلى «طمأنة حلفائها في المنطقة بأنها لم تتخل عنهم لتحافظ على مصداقيتها»، منتقداً عدم دعم الحكومة المصرية الجديدة، وعدم مواجهة إيران. حسم واشنطن لموقفها من التحالف مع الجماعات الإسلامية في الشرق الأوسط لن يحدث الآن، ولكن من المتوقع أن يتم خلال العام 2016 مع حلول موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي المقبل في الولايات المتحدة. فالتباين في المواقف بات واضحاً بين الجمهوريين والديمقراطيين تجاه تقييم العلاقة مع هذه الجماعات. وإذا كان الخيار الاستراتيجي لواشنطن إنهاء تحالفها مع الجماعات الإسلامية في الشرق الأوسط، فهل ستكون علاقاتها مع الدول الخليجية والعربية علاقات تقارب أو تباعد؟الإدارة الأمريكية أدركت منذ فترة تراجع نفوذها في الشرق الأوسط، وتراجع التأييد الذي تحظى به من حلفائها التقليديين لأسباب عدة. وإذا كانت تسعى واشنطن للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، فإنها لن تفرط في هذه المصالح مقابل دعم جماعات باتت سبباً لاستهداف مصالحها الآن ومستقبلاً. ولكن بالمقابل هناك تحدٍ يتمثل في مدى قبول حكومات الدول الخليجية والعربية لإعادة تشكيل علاقاتها مع الجماعات الإسلامية من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى خلال الفترة المقبلة.
Opinion
واشنطن والعرب بعد مرحلة الجماعات الإسلامية
15 سبتمبر 2014