لو كانت الجهة الرسمية المعنية بضبط الخطاب الديني ومحاسبة «تجار الدين» الذين يستغلون منبر الرسول سياسياً «متابعة» لما يحصل بشكل جدي، ولو كانت تتبع متابعتها هذه بالإجراءات التي ينص عليها القانون، أو أقلها بالتوصيات الثلاث المعطلة من توصيات انعقاد جلسة المجلس الوطني المعنية بالتحريض واستغلال المنابر الدينية، لكان المفترض بـ «ممثل» الولي الفقيه «الإيراني» في البحرين بأن يكون موقوفاً الآن على ذمة التحقيق بتهمة إهانة جلالة الملك وبتهم التحريض على كراهية الدولة والتطاول عليها وعلى دستورها وبرلمانها وقوانينها.لا تقولوا لنا بأنكم يا جهات رسمية لم تتابعوا خطبة عيسى قاسم الأخيرة؟! والتي ظن بعض من تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي بأن مرجع الوفاق يلمح لدخول جمعيته الانتخابات القادمة، في حين أن الخطبة كانت عكس ذلك بل موجهة للإساءة «اللفظية» لملك البلاد وتحقير الحكومة.حينما يصف «تاجر الدين» الذي منحه الخامنائي الإيراني صفة «آية الله» دعوة صادرة من ملك البلاد حفظه الله لشعبه معنية بالمشاركة الفاعلة والإيجابية في الانتخابات القادمة وذلك لممارسة حقهم المكفول دستورياً ولاختيار من يمثلهم، حينما يصف دعوة الحاكم بأنها «هزلية» وأنها «خزعبلات» وأنها «مكر»، وتقوم جمعيته الوفاق بنشر هذا اللفظ بصريح العبارة على خبر خطبة مرجعها في موقعها الإلكتروني، حينما يحصل كل ذلك، هل يمكن لنا الجهات الرسمية المعنية بتطبيق القانون أن تخبرنا ما هي القصة هنا؟!هل التطاول والإساءة على الذات الملكية -رغم تجريم ذلك دستورياً- أمر مقبول؟! أم أنه حينما تأتي القوانين عند شخص وصلت به الجرأة للتطاول على الملك وقبلها بالدعوة إلى «سحق» رجال الشرطة، تقف هذه القوانين ولا تطبق؟!هل المعنيون بتطبيق القانون لديهم أعذار مقنعة بشأن ذلك بعيدة عن التبريرات «المأخوذ خيرها» مثل «سياسة» و»تكتيك» و»ضغط دولي» وغيرها من هذه المخدرات والمسكنات التي هي أساس ضياع هيبة الدولة، والتي هي أساس الفوضى المستمرة في هذا البلد؟!مرجع الوفاق أخذ يتكلم ويصدر الأوامر للدولة وللسلطة والحكومة، جلس يقول يجب على الدولة أن تفعل كذا وكذا. اعتبر دعوة الملك «كاذبة» و»ماكرة» على أساس أنها تحتاج حتى «تصدق» أن يتم «تفصيلها» حسبما يريد قاسم من تغيير للدوائر وإطلاق سراح المحكومين في قضايا الانقلاب والتحريض والإرهاب وإلغاء مجلس الشورى وحكومة مفصلة أيضاً حسب رأي الوفاق، مع إشارة واضحة قصد بها الإساءة لسمو رئيس الوزراء.بل وصلت المسألة ليرد «المعمد» من خامنائي إيران على دعوة جلالة الملك بالقول إن على السلطة نفسها أن «تبرهن» على صدق دعوتها بتخلية السجون وإلغاء أحكام القضاء! يا لمفارقات الزمن العجيب، والله ما كان لهذا المؤزم المحرض التابع لطهران أن يتحدث بهذا الأسلوب لو كان حلم وصبر جلالة الملك «مرفوعاً» عنه! لو كان التعامل معه بما ينص عليه القانون وبما يحفظ الأمن القومي لما اختلف عما تفعله الولايات المتحدة وبريطانيا وحتى محبوبته إيران فيمن يسيئون للنظام ويحرضون على العصيان والانقلاب ويبررون للعنف.أين أجهزة الدولة من هذا التطاول الصارخ؟! بلغ السيل الزبى ووصلت الأمور لحدود لا ينبغي معها السكوت والتعويل على «سياسة نشوف شيء ما تشوفونه»!هو يقول في نهاية خطبته: «الدعوة للمعارضة بالمشاركة دعوة ساخرة هازئة لا يمكن أن يستجاب لها»!إن كان من يحاول استمالتهم والتفاوض معهم يقبل بأن يصل الخطاب إلى درجة المساس بهيبة الدولة بهكذا مستوى، فنحن لا نقبل بأن يتم التطاول على رموزنا ونظامنا بهذه الطريقة الوقحة.فقط نذكر من يعنيهم الأمر، مهما فعلتم لهم، مهما وعدتموهم بالشمس في يد والقمر في يد حتى يهدأوا ويتركوا العبث بمقدرات البلد وأمنه، فإن السكين من الاستحالة أن تتحول إلى ورود، ضربات الغدر ستعود، وإن طال الزمن.