الكتاب المثير للجدل منذ عدة سنوات الذي ألفه «أبي بكر ناجي» بعنوان (إدارة التوحش أخطر مرحلة ستمر بها الأمة) يتطلب المزيد من الاهتمام لأنه قد يساهم في فهم التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط حالياً، وتحديداً منطقة الخليج العربي والمناطق الساخنة المجاورة لها.قبل الحديث عن الكتاب الذي يشرح فكر واستراتيجية تنظيم القاعدة، لابد من الحديث عن مصداقية هذا الكتاب، لأن كاتبه مجهول رغم التحليلات والتكهنات الكثيرة بشأن حقيقة مؤلفه، كما أن الناشر جهة مجهولة رغم ما كتب عليه من (مركز الدراسات والبحوث الإسلامية) ولا أعتقد أنها جهة حقيقية.الجدل الذي يتعلق بمؤلف الكتاب يتمحور حول ثلاث خيارات؛ الأول أن المؤلف هو ضابط مصري اسمه سيف العدل ويعد منسق الشؤون الأمنية والاستخباراتية في تنظيم القاعدة. وهناك رأي آخر يرى أن المؤلف إعلامي عربي مقيم في العاصمة الإيرانية ويحظى بدعم حكومة طهران. أما الخيار الثالث فيرى أن الاسم مجرد اسم حركي مستعار تقف وراءه مجموعة تعمل على التنظير.الكتاب الذي يتضمن 112 صفحة يتضمن مقالات في الأساس تمت كتابتها ونشرها إلكترونياً لأحد كوادر تنظيم القاعدة. اللافت أن الكتاب منع من التداول في كثير من البلدان العربية، ولكنه متوفر الآن في أكثر من 10 آلاف موقع إلكتروني مما يعني سهولة الوصول له من الجماهير الآن.وزارة الدفاع الأمريكي أعلنت أنها قامت بترجمته إلى اللغة الإنجليزية من خلال مركز مكافحة الإرهاب بكلية ويست بوينت العسكرية، بعد أن عثر عملاء الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) على مستندات خاصة بزعيم التنظيم الراحل بن لادن تتضمن أجزاء من هذا الكتاب، ولذلك حظي باهتمام واسع من خبراء شؤون الإرهاب الأمريكان.الكتاب يعكس جانباً هاماً من الصراع الأيديولوجي الذي تعيشه المنطقة، وليس مستبعداً أن يكون الكتابة صنيعة أيدٍ أجنبية أو حتى إيرانية كوسيلة من وسائل تحقيق الأجندة وبسط النفوذ إعلامياً.ورغم واقعية طرح الكتاب في كثير من الجوانب مقارنة بما تشهده المنطقة اليوم، إلا أنه لا يمكن الثقة في وثيقة كهذه مادامت الفوضى قائمة، لأن هذه الوثيقة لم تكن الأولى على مستوى المنطقة، ولن تكون الأخيرة في ظل فوضى عارمة باتت مستقرة اليوم. فكما هي الفوضى الإعلامية غير القابلة للسيطرة، كذلك الحال بالنسبة للتحليلات والتصورات الخاصة بمستقبل الشرق الأوسط، لا يمكن الثقة فيها.هنا ينبغي الحديث عن الاهتمام الغربي دائماً بالوثائق والمستندات التي تصدر عن العرب والمسلمين بشأن العلاقة مع الغرب أكثر من اهتمامهم بالوثائق والمستندات المماثلة التي تصدر عن المراكز البحثية الغربية بشأن العلاقة مع منطقة الشرق الأوسط. هذا التعامل غير المتكافئ يضع حرب الكتب أو المستندات محل شك، ويضرب في مصداقيتها حتماً.