من القصص الموثقة أن بريطانيا قد أرسلت «أولاد ديانا» لولاية هلمند جنوب أفغانستان تحت غطاء من السرية في مهمة لم تستغرق لأحدهم إلا 3 أشهر، فيما خدم الأمير الآخر في أفغانستان بالظروف نفسها دون الدخول في معارك. كما يوثق الدستور الأمريكي ما ينص على عدم مشاركة المرأة في القتال؛ فلم تجد طريقها لوحدات المناورة إلا قبل سنوات. في عالمنا الشرقي لا يوجد حضور قوي لفكرة قيادة امرأة لمجموعة قتال؛ لكن الرائد طيار مريم المنصوري أثبتت القدرة، ليس على قطع المسافة من قاعدة الظفرة الجوية إلى مضارب عشائر «داعش» الهمجية؛ بل على اجتياز خطوط اجتماعية ملتهبة في كل طلعة لتلك البطلة الإماراتية، كما إن مما لا يتسق مع الحرص المعتاد للقادة والساسة ومحرضي الجهاد الجدد أن يرسلوا أولادهم للجبهات؛ لكن الأمير الطيار خالد بن سلمان نجل ولي العهد السعودي والأمير الطيار طلال بن عبدالعزيز بن بندر بن عبدالعزيز حالات استثنائية، فالمشاركة الخليجية في الحرب على «داعش» تتعدى في تقديرنا شعارات مكافحة الإرهاب، ومحركات هذه القناعة كثيرة ومنها:- المشاركة الخليجية الحالية تدفعنا لاستذكار مشاركات عسكرية خليجية أخرى في مصر والأردن وسوريا والصومال والبوسنة والهرسك وأفغانستان وليبيا، لكن ما سبق كانت مشاركات فردية، ولم نكن كلنا ضمن حملة جوية خارج حدود الخليج من قبل، وعليه فلابد أن تكون جدوى هذه المشاركة أكثر من أكلافها في الموازين الاستراتيجية.- تجرب واشنطن في هذه الحرب طائرة F-22 Raptor، وهي مقاتلة تكتيكية من مقاتلات الجيل الخامس، كما ستجرب في رؤوس «الدواعش» كل النماذج الأولية Prototypes من الأسلحة، فيما يطير أبطالنا على طائرات F-15 وF-16؛ ألم تكن الأسلحة الأمريكية لتغني عن طائراتنا من الجيل الرابع!- هناك من يريد القضاء على «داعش»، ليس في العراق فحسب؛ بل وفي سوريا وفي كل مكان تتواجد فيه خلاياها نائمة وقائمة، كما إن هناك من يعتبر أن إسقاط الأسد وعصابته في دمشق هدف استراتيجي، وبين هؤلاء من يرى أن الحملة على الإرهاب يجب أن تشمل القاعدة والنصرة والإخوان المسلمين وغيرهم، فهل علينا تتبع تطور الديالكتيك لفيلسوف ألمانيا العظيم «هيجل» لنفهم جزئية «تنافر الأضداد» حتى ندرك دوافع هذا التجمع المتنافر!يلاحظ المراقب للحملة تغير نوعية الأهداف، فالغارات قد تركزت منذ أسبوع على المنشآت النفطية لـ «داعش»، وسيتبعها مصاف كردية غير شرعية تكرر نفط الإرهابيين، لقد تجلت الانتهازية كطبيعة بشرية إنسانية لدى الكثيريـــن فـــي تلك الأنحـاء ابتــداء بعمـــال المصافـــي ومــروراً بأهــل الصهاريــج ومحطـات الوقود في المناطق القريبـة بل والدول المحيطة، وبسيطرتها على منابع النفط ومعامل التكرير أصبحت «داعش» دولة نفطية زميلة لنا ليس عبر عضوية «أوبك» أو «أوابك» لكن برأس المدفع، وما كنا لنشعر بتهديد «داعش» كإرهابيين فقد كسرنا في الخليج شوكة القاعدة وفر صبيانها لجبال اليمن، لكن المزعج كان انتهاكهم حرمة العيش المشترك «كدولة نفطية»، حيث أخذت في التوسع في عملياتها القذرة بالبيع الرخيص وتحطيم الأسعار الذي له تداعيات خطيرة على مجتمعنا بما ينتج عنها من كساد وتهديد للاستقرار الاجتماعي، لقد تعاملت «داعش» مع النفط بنفس البدائية التي حاول صدام أن يقوم بها مسوغاً احتلاله للكويت بعرض النفط رخيصاً جاهلاً تعقيدات سوق النفط.وقبل نفط «داعش»، وفي العقير عام 1922م يستشيط «ملك الخليج» بيرسي كوكس غضباً ويحمر وجهه لتكرار أحد معاونيه البريطانيين داخل خيمة المؤتمر لسؤال لم يكن يريد كوكس أن يسمعه عن سبب وجود المناطق المحايدة بين دول الخليج والعراق، فيرد كوكس: «إنه النفط أيها الأخرق It's the Oil, Stupid».