تتعالى القوة الجوية على خصمها، فتشكل الفجوة بينهما قطيعة على المستوى الإنساني فيتلاشى الاحترام والإعجاب بالمنتصر لغياب النبل والفروسية في المناورة بين الطرفين، وفي الحملة الجوية الحالية على «داعش» وبالرغم من أن مهام القوة الجوية المعروفة هي مهام قتالية ومهام دفاعية ومهام النقل؛ إلا أن مهمة القتال جو / أرض ضد «داعش» قد طغت على بقية الأعمال الأخرى، حيث نرى القصف لشل قدرة مقاتلي الدولة الإسلامية لثني إرادتهم عن القتال، كما لم تتوقف مقاتلات التحالف عن شن الغارات لتجريدهم من آلياتهم وأسلحتهم الثقيلة ومهاجمة خطوط وشبكات مواصلاتهم لمنع وصول المدد لساحات القتال. ونفسياً لا يعتبر مقاتلي «داعش» أنفسهم قد هزموا أو أنهم الطرف الأضعف في المواجهة، بدليل استمرار سقوط القرى والمدن بأيديهم الواحدة تلو الأخرى رغم زخم الغارات، وذلك شعور نابع من عدم الاحترام والاعتراف بالخصم أو بقوته، فهو خصم جبان يشن غاراته من خلف الأفق كما يرون، لذا سيمضي وقت طويل قبل تفرق جمع «داعش»، فبدون الهزيمة النفسية يرى تنظيم الدولة الإسلامية سهولة في تعويض خسائره في الرجال والمعدات، فهل يغير أوباما من استراتيجية الحرب بالطيران ويأمر بحرب برية؟لا تملك واشنطن في تقديرنا فرصة لكسب هذه الحرب دون الحرب البرية، لكن رجال واشنطن المخاتلين لا يمكنهم النكوص الصريح عن تعهدات سيد البيت الابيض أمام الشعب بعدم الانجرار لحرب برية، لذا سيدخلون العالم في متاهة معنى التدخل البري وتعريف القوات البرية، وعليه سيكون التدخل البري الأميركي مخاتلاً كواحد من الأشكال التالية:- إرسال المستشارين بعد التحايل على طبيعة عملهم؛ حيث بإمكان الإدارة الأميركية القول إنهم ينقسمون لثلاثة أقسام؛ ففيهم خبراء تقنيات واتصالات، وقسم آخر خبراء معارك عسكرية وميدانية لدعم المجموعات السنية على الأرض على شكل وحدات استطلاع تمهد للضربات الجوية يتحولون عند الحاجة الى نواة إنزال، وآخرون مختصون بالعمليات الخاصة وقتال المدن والشوارع. وعليه سيمثل القسم الأول نزر يسير من حجم المستشارين الذين كانوا في خطاب لأوباما 475 عسكرياً فقط، ثم بعد أن تقوى موقفه في الكونجرس أصبحوا 13 ألف جندي أمريكي. رغم أن أي نوع من التعاون يستلزم إطاراً؛ إلا أن واشنطن لم تضع حتى الآن إطاراً يمكنها من دعم القوات العراقية لتقوم بدور القوة البرية في هذه الحرب، وهناك حرق للمراحل وغموض في مراحل أخرى، فهناك حديث عن تسليح القوات العراقية البرية، وهذا أمر يكتنفه محاذير أبرزها تشرذم مكونات الجيش العراقي وعدم وحدته مما يجعل الأمر كتسليح ميليشيا ذات ولاء عقائدي في اتجاه واحد.كما أن امتلاك العراق للأسلحة المتطورة خط أحمر لدى المراقبين العسكريين في دول الجوار خوفاً من أن يخلق هذا الجيش طاغية جديد، يضاف لذلك الضبابية التي تحيط بكيفية تسلح الجيش العراقي والزمن المطلوب لاستيعاب الأسلحة ثم تعلم مهارات القتال بها، أما البشمركة -لو جهزت لتقوم بالحرب البرية- فتواجه محاذير من بغداد وأنقرة وإيران ودمشق على حد سواء.وهنا يمكننا القول إن تهديدات داعش باستهداف الولايات المتحدة في عقر دارها أدت إلى تراجع أوباما عن إرسال قوات أميركية برية للعراق، وسيكون الاعتماد على كتلة قوات برية مهلهلة وليست بنفس صلابة وتجانس الوحدات البرية الاميركية، وستتكون من الجيش العراقي الحالي مع البشمركة بنفس أسلحتهم، والمستشارين الامريكيين المتدثرين بمهمات أخرى، ومعهم قوات برية تحت بيرق التحالف من أستراليا وتركيا أو من ستجبره واشنطن على الانضمام، ولهذا قال قادة التحالف إن الحرب ستستمر 4 - 10 سنوات.
Opinion
لماذا يعيد أوباما تعريف الحرب البرية؟!
08 أكتوبر 2014