رضي الموسوي الذي أنيط به في السنوات القليلة الماضية القيام بعمل أمين عام جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد» إبراهيم شريف لظروف سجنه اختير أخيراً لمنصب الأمين العام في قرار لافت يؤكد قدرة القائمين على هذه الجمعية على قراءة الواقع قراءة صحيحة والتعامل مع معطياته بصورة تخدمها، وهو توجه يسجل لهذه الجمعية، خصوصاً في هذه الفترة التي تعمد فيها الجمعيات التي تصنف على أنها «معارضة» إلى العناد، واعتبار تعاملها مع الواقع والظروف الآنية التي تحتم عليها اتخاذ قرارات معينة هزيمة كبرى. رضي الموسوي، زميل سابق، تعززت علاقتي به فترة كنا نعمل في صحيفة «الوقت»، أنا في وظيفة رئيس التحرير المسؤول، وهو في وظيفة رئيس قسم المحليات ثم نائباً لمدير التحرير، وليس في هذا تصغيراً لشأنه، فرضي لا يشق له غبار في العمل الصحفي، وكان أحد الأعمدة الرئيسة في الصحيفة، ويوصف بالبلدوزر، عدا أننا معشر الصحفيين نتكامل ونتعلم من بعضنا البعض، فخبراتنا تتفاوت. أشهد لرضي الموسوي بالإخلاص في العمل وبحبه للمغامرة وإصراره على النجاح، وكذا يشهد آخرون عملوا معه وعرفوه. لهذا آمل أن يسارع إلى تعديل مسار الجمعية ومسار اليسار في البحرين ليعود إلى ممارسة دوره التنويري المهم، حيث من المهم جداً أن يبادر إلى اتخاذ القرارات التي تؤدي إلى فك الارتباط بجمعية الوفاق التي ربطت مقدراتها بها قبل ثلاث سنوات حتى بدت وكأنها تابعة لها، تأتمر بأمرها ولا «تشك خيطا في إبرة إلا بإذنها». اليسارفي البحرين أساس مهم في الحركة الوطنية، وكان له دور بارز في محاربة الاستعمار، ولا يمكن لأحد أن ينكر دوره التنويري والطليعي والتقدمي في المجتمع البحريني، لهذا، فإن مما يدعو إلى الدهشة أن يسلم أصحاب الخبرة والتجربة والتاريخ النضالي الطويل «الخيط والمخيط»، لجمعية سياسية جديدة في ساحة العمل السياسي وبعيدة تماماً عن فكر اليسار ومبادئه وتوجهاته وأهدافه، بل أن هذه الجمعية تعتبر في الظروف العادية اليسار عدواً لها وربما كافراً ولا تتردد عن محاربته، ذلك أن اختلاف الأيديولوجيا يفرض أموراً كثيرة.ما يثير الدهشة حقاً ويؤلم هو أن اليسار صار تقريباً في قبضة جمعية إسلامية تعبر عن طائفة معينة وتعتبر نفسها قائداً لها. خطأ استراتيجي وقع فيه اليسار بكل جمعياته فتحول إلى فكر تابع بعد أن كان قيادياً وتنويرياً وكان يسهم بفاعلية في الارتقاء بالمجتمع.نعم هناك ظروف تدفع أحياناً إلى التحالف مع تيارات سياسية أخرى، وهذا وارد في العمل السياسي الذي من طبيعته أنه متقلب وليس فيه صديق دائم ولا عدو دائم، ويسعى العاملون فيه إلى الاستفادة من كل الظروف والمعطيات، ولكن أن يصل الأمر إلى حد التماهي في جمعية دينية تمارس العمل السياسي ولها أجندتها التي لا يمكن التغافل عنها، فهذا أمر ينبغي أن تحاسب الجمعيات اليسارية نفسها عليه كثيراً وتقيم خطوتها كي لا تستمر في هذا الخطأ لأن الاستمرار فيه يلغيها ويشطب تاريخها وكل إنجازاتها. اليوم وبسبب هذا التماهي لم يعد الجمهور يذكر لا جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعــــد»، ولا جمعيــــة المنبــــر التقدمـــي الديمقراطي ولا غيرها من الجمعيات ذات العلاقة باليسار، وبسببه صعد نجم الوفاق وصعد نجم ما يسمى بائتلاف فبراير، حتى وصل البعض إلى الاعتقاد بأن اليسار انتهى ولم يعد هناك حاجة له. واليوم صار الجمهور يشعر أن وعد والتقدمي والقومي والوحدوي والإخاء وغيرها ما هي إلا فروع لجمعية الوفاق.أتمنى كآخرين أن يتم تصحيح هذا الوضع وآمل من الأمين العام الجديد لوعد أن يبدأ بالنظر في هذه المسألة.