هل فكرتم لماذا كثير من المواطنين حينما يتم سؤالهم عن تصويتهم في الانتخابات وما هي اختياراتهم يجيبون؛ لسنا مقتنعين بمن نصوت له؟!لماذا يقول المواطن هذا الكلام بحق أناس امتلكوا على الأقل جرأة الإعلان أمام الملأ أنهم سيترشحون وينافسون آخرين في سبيل الوصول إلى المقاعد النيابية أو البلدية؟!الإجابة سهلة جداً؛ ترتكز في أساسها الأول على حقيقة أن المواطن لم يعد يقبل بأن يتم استغفاله واللعب على طيبته من أجل أن يمنح صوته بسهولة. طبعاً إن لم يكن الكل فكثيرون نما لديهم الوعي وتبقى قلة قليلة هي من تتعامل مع بعض المرشحين إما بأسلوب «الفزعة» فهو من جماعتنا أو «ربعنا» أو مجلسنا أو قهوتنا، أو بأسلوب «سلم واستلم»، إذ تمنح الأصوات في مقابل الحصول على أموال أو مكيفات أو ثلاجات أو أي نوع من أنواع «الرشاوى» ولن أقول المال السياسي.شخصياً يسعدني هذا الوعي لدى الناس، ولست أمتعض أبداً من آراء ومواقف تنتقد البرلمان بقسوة وتنسف كثيراً من نواب بعضهم باع الناس وهماً وجاء اليوم ليطل عليهم مرة أخرى بوجه خال من الماء.إن كان النواب يرون بأنهم يمتلكون أربع سنوات من حقهم أن يسائلوا فيها الوزراء بل و«يشرشحونهم»، فلماذا بعضهم يستاء ويستكثر على المواطن شهراً هو شهر الدعاية الانتخابية لـ «يفش» فيها غله في هؤلاء النواب أو من يعلن ترشحه وهو لا يملك لا رصيداً في العمل المجتمعي ولا مؤهلات ولا سيرة ذاتية «تخزي العين»، ولا يمتلك لدى الناس أي رصيد.شخصياً أدعو المواطنين لعدم التصويت لأي مرشح يترشح في غير دائرته، وهذا رأي خاص بي مبني على قناعته تتمثل بالمعادلة التالية؛ من يترشح يفترض أن هدفه خدمة منطقته التي يسكن فيها، وهدفه الأوحد خدمة الناس، وطبعاً أهل منطقته «فريجه» حيه من جيران وأقارب وغيرهم هم الأولى، بالتالي حينما يترك منطقته ويذهب للترشح في منطقة أخرى، فما الذي يهدف إليه هنا؟! رجاء لا يستغفل الناس ويقول لهم بأن هدفه خدمة الناس، إذ أهالي «فريجك» ومنطقتك أولى، أم أن الهروب لدائرة أخرى -وبعضهم عاود الترشح في منطقة تبعد عن مكان سكنه عشرات الكيلومترات- هدفه الفوز للوصول إلى المجلس بأي شكل من الأشكال؟!البحرين صغيرة وكل يعرف الآخر، والنوايا مفضوحة لدى البعض، وتاريخ كثير من البشر لا يحتاج لبحث أو تنقيب.لكن ما أراه عيباً شنيعاً هنا، بأن يقدم على الترشح شخصيات ليس لها أي حضور في أي مجال معني بالناس، لا على الصعيد الاجتماعي أو السياسي، البعض تعرف بسهولة أن هدفه الوصول للمجلس، تاريخه لا يشير إلى أنه اهتم يوماً بقضايا الناس وهمومهم، لم يكن له حضور في أي مشكلة يعاني منها الناس، لم يسجل مواقف يكتبها له تاريخ البلد، بل الأدهى بعضهم لا يعرف حتى جيرانه، وهو اليوم يقفز بدون أي حياء أو خجل ليقول للناس؛ أنا مرشحكم الصادق الأمين على همومكم.هذه «هرطقة» انتخابية بصراحة، إذ نعم الاشتراطات تسمح لأي كان بالترشح شريطة معرفة القراءة والكتابة، لكن أن يكون ذلك مسوغاً لأي شخص ليترشح وهو لم يبد يوماً من الأيام اهتماماً بقضايا الناس أو كان قريباً منهم، فهذه قمة العيب، وهؤلاء الذين لا يجب أن يحصلوا على أصوات الناخبين بل يجب أن تقال لهم أمام كل شعار يطلقونه اليوم أو وعد يقدمونه «يا وجه استح»!