يكثر الحديث في شبكات التواصل الاجتماعي، وكذلك المجالس الخاصة والانتخابية منها عن مجموعات من المترشحين دخلت المنافسة على أنها مستقلة، ولكنها في الحقيقة ليست مستقلة بل هي تمثل إحدى الجمعيات السياسية!ظاهرة مترشحي الكومفلاج ليست بجديدة، بل ظهرت منذ فترة في انتخابات سابقة، ولكنها باتت أكثر وضوحاً من السابق، لأنه خلال الاستحقاقات الماضية كانت بعض الجمعيات تلجأ إلى هذا الأسلوب من أجل زيادة حجم كتلتها الانتخابية في الدوائر التي لا تعتقد أن لها فيها حظوظاً واسعة. ولكن الوضع اختلف الآن، فالسبب الرئيس لخيار مترشحي الكومفلاج هو تراجع شعبية هذه الجمعية أو تلك لظروف محلية أو خارجية. وبالتالي كان هذا الخيار لأنه من شأنه أن يساهم في «الحفاظ على المصداقية»، والمصداقية هنا تحسب للمترشح وللجمعية نفسها. عندما قررت بعض الجمعيات السياسية الدفع بمترشحيها ليكونوا مترشحي كومفلاج فإن همها الأساسي كان الحفاظ على سمعة الجمعية، والحفاظ على ما تبقى من المصداقية أمام الجماهير. ولكنها لم تكترث كثيراً للجماهير نفسها، وكيف يمكن أن تتعامل مع مترشح الكومفلاج عندما يتحول لاحقاً -إذا كانت الظروف مواتية- إلى نائب كومفلاج؟ ما لا يقل عن 42 مترشحاً من مترشحي الكومفلاج منتشرين في الكثير من الدوائر الانتخابية ويمثلون 5 جمعيات سياسية. هؤلاء سينظر لهم الجمهور في حال وصولهم إلى قبة البرلمان وانكشاف غطائهم السياسي بأنهم «نواب من دون مصداقية»، فرغم حصولهم على ثقة المواطنين من خلال صناديق الاقتراع، إلا أنهم لم يلتزموا بالصدقية في التعامل مع الناخبين أنفسهم، حيث عملوا تحت غطاء مستقل، ولكن عندما حانت الفرصة باتوا تحت غطاء إحدى الجمعيات السياسية التي ستعمل على إدارة شؤونهم وتوجيههم سياسياً بما يخدم أجندتها خلال السنوات الأربع المقبلة. تتباين وجهات نظر المواطنين إزاء مترشحي الكومفلاج، فبعضهم يرى أنه تكتيك سياسي مقبول وآخرين يرون أنه خداع سياسي مرفوض. وبين هذه الآراء من لا يكترث باتجاهات المترشح مادام الناخب يعتقد أنه سيتحقق ما يطمح إليه. ليس معلوماً الموقف القانوني تجاه مثل هذه المسألة، وما إذا كان من حق الناخب مقاضاة نائبه إذا اكتشف لاحقاً أنه نائب يمثل إحدى الجمعيات السياسية ولا يمثل الناخبين باعتباره تحول من مستقل إلى غير مستقل. من مظاهر مترشحي الكومفلاج سقوط بعضهم في اشتراطات الترشح بسبب تزويرهم لبعض الوثائق لخداع السلطة القضائية المشرفة على العملية الانتخابية، وهو ما نتج عنه سقوط الكثيرين وعدم تمكنهم من الترشح. وهو ما يعكس تناقضاً صارخاً بين الجمعيات السياسية التي تطالب بسيادة القانون واحترامه، ولكنها أول من يخالفه من أجل زيادة عدد نوابها في السلطة التشريعية.الناخبون ليسوا بحاجة لمترشحي كومفلاج يتحولون لاحقاً إلى نواب كومفلاج، بل بحاجة لممثلين عنهم يحظون بالثقة والمصداقية والاحترام.