حسب بيانات الجماعات التي تعتبر نفسها «معارضة»، وآخرها البيان الصادر يوم الثاني من نوفمبر الجاري بتوقيع ما يسمى إئتلاف فبراير ومعه خمس حركات وتيارات «ثورية»، وحسب ما يتم تناقله عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية ويروج له بسخاء عبر الفضائيات الداعمة وعلى رأسها فضائية «العالم» الإيرانية من معلومات وأخبار؛ فإنه من المقرر أن تبدأ اعتباراً من اليوم برامج «الشحن» لمقاطعة الانتخابات وتخريبها بغية القول بأنها فشلت، وهو أمر مثير للدهشة، فكيف سيتم مقاطعة الانتخابات؟ (ألم تتخذ «المعارضة» قراراً من قبل بمقاطعة الانتخابات النيابية والبلدية التي ستجرى يوم 22 نوفمبر الجاري؟ ألم تمنع المنتمين إليها من الترشح وطلبت من أعضائها ومناصريها عدم الانتخاب؟ فلماذا لا يعتبرون الأمر منتهياً؟)البرامج التي يعتزم البعض تنفيذها للتحريض على الانتخابات لا قيمة لها وهي تعطي مؤشراً على أن «المعارضة» غير واثقة من جمهورها، فطالما أنها واثقة منه فالأفضل لها أن تشغل نفسها بما يعود عليها وعلى ذلك الجمهور بالفائدة، ذلك أن الانتخابات ستجرى في كل الأحوال، وبالتالي فإن كــــل محاولات إثناء المواطنين الذين قرروا المشاركة فيها وتخويفهم لن توصل إلى مفيد.كان الأجدى بـ «المعارضة» أن تقول لنفسها إنه مثلما أن من حقها مقاطعة الانتخابات فإن من حق الآخرين أيضاً أن يتخذوا قرارهم بمعزل عنها بما فيهم أعضاؤها ومناصروها، فليس عدلاً وقوفها في طريقهم طالما أنهم قرروا المشاركة وممارسة هذا الحق (الوفاق أعطت مثالاً سالباً عندما هددت أحد أعضائها الذي قدم أوراق ترشحه للمجلس النيابي فاضطر إلى الانسحاب خوفاً من الانتقام). ما سيجري من الآن وحتى موعد الاستحقاق الانتخابي هو أن «المعارضة»، وتحديداً جمعية الوفاق وما يسمى إئتلاف فبراير، ستشغل نفسها بإيصال رسالة إلى العالم مفادها أنها قادرة على إفشال الانتخابات وتصفير الصناديق، وأنها هي الأساس، وهي فقط من يستطيع أن ينجح أو يفشل أي مشروع ذي علاقة بالجمهور، لهذا فإنها ستستمر في حملتها ضد الانتخابات وستحاول إقناع من ترى أنه قرر ألا يكون عبداً لها أن يتراجع عن قراره «بالطيب»، فلا يشارك في الانتخابات، أما إذا أصر على رأيه فسيتم التعامل معه بالطرق الأخرى التي تم التعامل بها مع آخرين «ركبوا رؤوسهم» وقرروا في لحظة أن يكونوا أحراراً. ليس مستبعداً أبداً التعرض إلى المترشحين من أهل القرى سواء بالكلام أو بالاعتداء الجسماني أو بحرق مقارهم الانتخابية أو سياراتهم أو بيوتهم أو إتلاف إعلاناتهم المثبتة في بعض الشوارع، والتي يعتبرونها استفزازاً وتحدياً لإرادة «المعارضة» و»جرحاً لمشاعرها»، وليس مستبعداً نشر الإشاعات عنهم ومحاولة الإساءة إلى سمعتهم واعتبارهم خونة ومقاطعتهم.هنا يبرز التناقض بين الشعارات التي ترفعها هذه «المعارضة» والأفعال التي تمارسها، ففي الوقت الذي ترفع فيه شعار الحرية وتطالب بمزيد منها تقوم بالتضييق على الآخرين ممن لا يوافقونها على رأيها وتكبل حرياتهم، فطالما أنها قررت مقاطعة الانتخابات فإن على الجميع من دون استثناء أن يقاطعها وإلا اعتبر خائناً وخارجاً عن الملة وعدواً وصار مشروعاً للمقاطعة. ليس في هذا مبالغة ولكنه حقيقة بدليل برنامج «عصيان الحرية» الذي بدؤوا الترويج له ويعتزمون تنفيذه في يوم الانتخابات. ورغم أن «الجمهور» لم يعرف بعد تفاصيل هذا البرنامج السري إلا أنه بدأ الاستعداد له والتهيؤ للمشاركة فيه وانتظار التفاصيل التي ستعلن عنها «القوى الثورية» في «الوقت المناسب»، كما جاء في البيان المذكور، فكما هو واضح من البيان فإن الخطة تقتضي السرية وإن الخطوات سيعلن عنها تباعاً وفي الوقت المناسب. هذا يعني أن هناك ساعة صفر غير معلوم حتى الآن توقيتها ولا ما سيحدث فيها وبعدها.