الإثنين الماضي؛ أتاح تلفزيون المنار لأمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان الفرصة ليوصل ما يشاء من رسائل إلى الداخل والخارج، فقال كثيراً وصمت عن كثير، وهذا شأن المقابلات السياسية، لكن الرسالة الأهم والموجهة إلى السلطة أوصلها بسهولة وملخصها «إما أن تعطونا ما نريد وإلا سنضطر آسفين إلى إعطاء الضوء الأخضر لعناصرنا لبدء المرحلة التالية التي عنوانها العنف»، معتبراً أن ما فات من ممارسات عنيفة وغريبة على مجتمع البحرين المسالم لا علاقة لها بالعنف أبداً وأنها سلمية. العبارة التالية التي نشرت على لسانه تؤكد أنه يهدد ويدعو إلى الاستعداد للدخول في المرحلة التالية، أمين عام الوفاق قال للمنار «التخوف من العنف موجود، خصوصاً إذا استمر النظام في مواصلة الضغط على الشعب، ولكن المعارضة استطاعت الحفاظ على سلمية الحراك منذ انطلاقه في 14 فبراير حتى اليوم، والحفاظ على الإطار السلمي للمعارضة والاستمرار بالأدوات السلمية داخل وخارج البحرين هو ما تتبناه المعارضة البحرينية»، وخشية من ألا تصل الرسالة أضاف «لا أستطيع ولا أحد يستطيع أن يعطي ضمانات لاستمرار الحراك سلمياً ولكن.. نسعى لتحقيق السلمية.. وأكدنا في كل الأوقات على الالتزام بالسلمية»، وتأكيداً أيضاً شدد على أن «الأزمة في البحرين دخلت في منعطف خطير منذ مدة»، وألقى باللائمة على السلطة باتهامها بالاستفراد بالقرارات وممارسة الانتهاكات، وألقى باللائمة أيضاً على المجتمع الدولي لعدم ممارسته الضغوط على السلطة لتصحيح الأوضاع، حسب ما قال.ملخص كلام سلمان بالعامية «أنا مالي كار.. انتونه يا الحكومة جبتونه لروحكم.. يا تعطونا اللي نبى أو لا تلومون إلا نفسكم.. بنعفس لكم الديرة عفاس».تهديد ووعيد يفهم منه أن الأوامر بالانتقال إلى المرحلة الأعنف على وشك الصدور، وأنه صار من الضروري توصيل الرسالة للسلطة في البحرين «إبراءً للذمة» وكي لا «تدعي» أنها فوجئت بما حدث من عنف لا يعرف حجمه -حتى الآن- سوى من صاغ الرسالة ومن أوصلها. هذا التهديد يعني أن الانتخابات قد فعلت فعلها، وأنها تسببت في جرح الوفاق ومن معها ومن يتشدد لها، وأنهم ذاقوا بسببها طعم الهزيمة، وإلا لما خصصت فضائية المنار تلك المساحة الزمنية لأمين عام الوفاق في هذا الوقت بالذات ليوصل ما يراد منه توصيله من رسائل ويتحدث بهذه الطريقة. هل هناك مخطط لتحويل البحرين إلى نسخة أخرى من العراق؟ يتمنى المرء ألا يكون هناك شيء من هذا القبيل، لكن محتوى التهديد الوفاقي يعين على إثارة هذا السؤال بقوة والتوصل إلى مثل هذا الاستنتاج، حيث القول إن أحداً لا يستطيع إعطاء الضمانات باستمرار الحراك سلمياً؛ يعني أن هناك خطوة ستقود حتماً إلى إنتاج تلك النسخة، ويعني أن الوصول بالبحرين إلى هذه الحال غاية تتوفر النية لتحقيقها، وأن من يريدون ذلك لن يعدموا الوسيلة. الأكيد أن الوفاق ستبرر لأمينها العام وستقول إنه لم يقصد كذا ولم يقصد كذاك، والأكيد أن أمين عام الوفاق سيتهم المتلقين جميعا بأنهم أساؤوا الفهم ولم يكونوا في مستوى الاستيعاب، وسيحاول أن يتدارك بتصحيح بعض ما قال وتخفيفه، لكن المؤسف في الأمر هو أن ما قاله كان واضحاً ولا لبس فيه، وأنه وفق في توصيل الرسالة التي صيغت باحترافية يصعب توفرها محلياً. التهديدات ستزداد كلما توفر الإحساس بأن الانتخابات ستنجح، وستزداد أكثر بعد نجاحها ودخول البحرين في المرحلة الجديدة التي سبق لجلالة الملك أن ألمح إليها، وهي مرحلة سيتحقق فيها الكثير من المشروعات التي تصب في اتجاه بلوغ المشروع الإصلاحي لجلالته أهدافه. ما قاله أمين عام الوفاق غير عادي وينبغي ألا يمر هكذا؛ ففيه رسائل خطيرة.