على مدى التجارب النيابية المتعاقبة الماضية كانت هناك تكتلات متفاوتة الحجم تمثل رجال الأعمال في المجلس المنتخب، هؤلاء لهم مكانتهم في المجتمع نظراً لأدوارهم ورؤاهم الاقتصادية، ولكنهم يعانون فعلاً من مشكلة تتمثل في محدودية تأثيرهم وتراجع دورهم بعد وصولهم لقبة البرلمان. أكثر من 22% من المترشحين للانتخابات النيابية المقبلة من رجال الأعمال، وهؤلاء يتطلعون لدور أكبر في تشكيلة البرلمان الجديد، ولكن الخشية أن يكون دورهم ضعيفاً سواءً وصل العدد الأكبر منهم أم كان العدد قليلاً. التجارب السابقة كشفت أن رجال الأعمال غالباً ما يكون دورهم البرلماني محدوداً، وهم من أقل النواب اهتماماً بالقضايا الاقتصادية رغم خبراتهم الواسعة في هذا المجال، ومصالحهم التجارية المتشعبة. لا نحتاج لرجال أعمال يدخلون البرلمان ثم يتحولون إلى نواب صامتين، بل نحتاج إلى نواب فاعلين ونشيطين، وليس مهماً تمثيلهم للقطاع الخاص بمختلف تشعباته ومؤسساته، بل نحتاج لرجال أعمال لديهم الرؤى والتصورات التي يمكن أن تساهم في معالجة العديد من القضايا الاقتصادية الشائكة، وتفعيل الدور الرقابي والتشريعي لهم لمواجهة التحديات الاقتصادية التي لا يبدو أنها انقضت نسبياً، بل هناك كثير قادم مع تراجع أسعار النفط حالياً، وتزايد حدة الصراعات الأمنية والسياسية في المنطقة.خلال الفصل التشريعي الثالث انشغل النواب وحتى أعضاء مجلس الشورى بمراجعة الكثير من القوانين، وإقرار الكثير من التشريعات الجديدة لدعم مرحلة ما بعد أزمة 2011، ومقابل ذلك لم يتسن لهم الاهتمام فعلياً بقضايا الاقتصاد والاستثمار ومعالجة الدين العام، ومراجعة الرؤية الاستراتيجية 2030. والآن حان وقت مثل هذه المسائل، وهي من القضايا التي يجب أن تكون من الأولويات لدى البرلمان المقبل، لأن السكوت عنها لفترة أطول يعني تعظيم حجم الخسائر على الاقتصاد الوطني الذي لا يحتمل المزيد من التحديات. نعوّل كثيراً على وصول مجموعة كبيرة من رجال الأعمال المترشحين لقبة البرلمان من أجل إحداث التوازن المفقود بين ثنائية السياسة والاقتصاد التي كانت مفقودة منذ برلمان 2002. فالبحرين ليست بحاجة إلى برلمان مشغول بإفراط في المواجهات والمزايدات والقضايا السياسية بقدر ما هو منشغل في كيفية تجاوز التحديات القائمة والمستقبلية. وهذا لن يتحقق إذا ظهرت مجموعة اقتصادية كبيرة من رجال الأعمال تحت قبة البرلمان، ولكنها اختفت وابتعدت عن القضايا الاقتصادية.