كما في كل ديسمبر تعمد جمعية الوفاق وما يسمى بائتلاف فبراير ومن لف لفهما إلى إعادة تشغيل تلك الإسطوانة المشروخة التي ملخصها إطلاق اسم «عيد الشهداء» على يومي السادس عشر والسابع عشر المعتمدين من قبل الدولة للاحتفال بالعيد الوطني المجيد وعيد جلوس جلالة الملك، والهدف واضح وهو تفريغ هذين اليومين -اللذين هما مبعث فخر واعتزاز شعب البحرين- من مضمونهما والتنغيص على المواطنين. سلوك يتكرر في كل عام رغم أن ممارسيه يعلمون تمام العلم أن ما يرددونه لا قيمة له وأنه متاجرة باسم كل من فقد حياته من أجل الوطن، فهؤلاء يعتبرون من تسببوا عليهم هم فقط من يستحقون أن يطلق عليهم صفة شهداء، وأن الاحتفال يجب أن يكون في هذين اليومين دون غيرهما. كلام لا ينتج إلا الفتنة، خصوصاً أن أطياف أخرى في «المعارضة» سبق أن اقترحت أن يكون الاحتفال بكل من فقد حياته من أجل البحرين منذ أيام النضال ضد الاستعمار في شهر مارس ووفرت العديد من المبررات، بينما لم يبد من الدولة أي موقف سلبي من هذا المقترح وإن لم تناقشه، فالدولة تأسف على فقد كل مواطن بغض النظر عن انتماءاته. إصرار هذه المجموعة على هذا الأمر إصرار على إنتاج الفتنة وتأكيد على أنه يزعجها فرح المواطنين بهاتين المناسبتين الوطنيتين العزيزتين، وإلا ما الضير في تحديد يوم خارج ديسمبر تتفق عليه «المعارضة» ويتفق عليه الجميع؟ ما يزيد من رغبة هذه المجموعة في إنتاج الفتنة هذه المرة هو أن هذا الديسمبر تضمن مجلساً نيابياً جديداً ومجلس شورى جديداً وحكومة جديدة لا مكان لها فيها كلها بسبب مواقفها السالبة وقراراتها البعيدة عن العمل السياسي وتفضيلها العمل خارج هذه المؤسسات واعتقادها أنها بهكذا عمل تخدم الوطن وتنتصر لمن تريد أن تنتصر له وتكرمه. ليس بالإصرار على اعتبار يوم الفرح البحريني يوماً للشهيد هو الذي به يمكن تكريم من فقد حياته من أجل الوطن لأي سبب من الأسباب، فمن يعتبر هؤلاء شهداء لا يصر على مثل هذا الأمر لأنه يبدو كما المتاجر فيهم وفي صفتهم، والدليل هو أنه منذ أن طرح هذا الأمر قبل عدة سنوات لم يتم الاحتفال بهؤلاء وصار موضوعهم مجرد حجة لتخريب الاحتفال بالعيد الوطني وعيد جلوس الملك، وقتل الفرح وإنتاج الفتنة. ليس مؤلماً أن يكون تفكير حركات مثل ائتلاف فبراير وغيرها من حركات صغيرة تعمل خارج القانون بهذا المستوى، المؤلم هو أن يكون هذا هو تفكير جمعية الوفاق التي تعتبر نفسها جمعية سياسية وترفع شعارات رنانة كالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ذلك أن إصرارها على هذا الأمر يتنافى مع الديمقراطية والحرية ويتعدى على حقوق الإنسان. أوليس الإصرار على التنغيص على المواطنين الذين يفرحون في هذين اليومين اعتداء على حقوق الإنسان؟ أم أن الإنسان الذي له حقوق هو المنتمي إلى هذه الجمعية فقط والمحسوب عليها؟ مناسبة العيد الوطني وعيد جلوس جلالة الملك ينبغي أن تكون فرصة لـ «المعارضة» تستغلها في رأب الصدع والمساهمة في حل العالق من المشكلات، لا فرصة للتخريب وإشعال الفتن والإصرار على موضوعات مختلف عليها بين «المعارضة» نفسها، فليس منها إلا الوفاق من تصر على هذا الأمر، فالجمعيات السياسية الأخرى ليست مع هذا الرأي، وقد عبرت عن موقفها من هذا الموضوع في وقت سابق وهي من اقترحت الاحتفال بكل الشهداء في شهر مارس من كل عام. استمرار جمعية الوفاق في مثل هذا السلوك يسيء إليها ويقلل من شأنها، خصوصاً أنها لا تستطيع أن تفرض هذا الأمر عدا أنه لا يخصها وحدها.
Opinion
«الوفاق» وإنتاج الفتنة
06 ديسمبر 2014