من الطبيعي جداً أن يحتفظ الإنسان ببعض الأطعمة والخضار واللحوم داخل المجمدات، ويحتاج الإنسان عملية التجميد هذه عندما لا يستطيع التسوق بشكل يومي أو تكون هناك شحة لمادة معينة فيحتاج عند توفرها إلى خزن كمية منها تكفيه للأيام القادمة، لكن من المستغرب أن يجمد الإنسان أبناءه أو مشروع أبنائه ليحصل عليهم في وقت لاحق.عندما ظهرت تقنية أطفال الأنابيب في القرن الماضي أثارت استغراب الناس، وكانت مادة دسمة لصانعي النكت، لكنها كانت نعمة وعلاجاً لعدد كبير من البشر، وكذلك عندما ظهرت تقنية تجميد بويضات المرأة شكلت فرصة كبيرة للذين يعانون من أمراض تمنعهم من الإنجاب على أمل تقدم الطب وبقاء إمكانية الإنجاب حتى بعد وصول المرأة سن اليأس، أو فرصة للنساء اللواتي سيتعرضن إلى علاج بالإشعاع أو العلاج الكيمياوي، لكن استغلال هذه التقنية أو الانتفاع منها لأسباب لا تتعلق بجانب طبي وإنما ليكون الإنسان آلة هو أمر مستغرب ويحتاج إلى وقفة.القضية تتعلق بخبر أعلنته شركتا «فيس بوك» و«أبل» يفيد أن الشركتين تضمنان لموظفيهما من النساء تغطية تكاليف عمليات تجميد البويضات وتشجع الموظفات على إجراء هذه العمليات ليحملن وينجبن بعد بلوغهن سن اليأس والتقاعد من الشركة، معتبرة ذلك ميزة تضاف إلى برنامج التأمين الصحي، وتسمح هذه العملية التي تكلف 20 ألف دولار أمريكي للمرأة من تجميد 20 بويضة مخصبة، وذلك في محاولة من هاتين الشركتين إلى توظيف عدد أكبر من النساء والسماح لهن بفرص عمل دون عقبات تعترض العمل حسبما أعلنت هاتين الشركتين، ويتوقع أن تتبعهما شركات أخرى في الولايات المتحدة والعالم.والواقع أن هذا الأمر لا يعد ميزة بحال من الأحوال فهو سيحول المرأة إلى آلة تعمل ولا يشغلها شيء غير العمل فتقطف بذلك هذه الشركات أفضل مراحل النساء العمرية لصالح إنتاجها محطمة غريزة الأمومة لدى موظفاتها، ولكم أن تطلقوا العنان لخيالكم عن نتائج هذا العمل، فربما تنفصل المرأة عن زوجها أو يتوفى بعد عملية التجميد لتعود بعد عشرين سنة لتحمل وتنجب منه، وربما لا يكون للمرأة زوجا فتحاول الانتفاع من عرض الشركة هذا وتخصب البويضات قبل التجميد من أي رجل، أو قد تتعرض بعد التقاعد لأزمة مالية فتبيع هذه البويضات المخصبة لمن يبحث عنها، وليس هذا بعيدا فقد أنجبت امرأة قبل فترة نتيجة حملها ببويضة مخصبة من رجل وامرأة آخرين، وبذلك بدل أن تحمل المرأة تسعة أشهر وتحتاج بعدها إجازة أمومة تذهب إلى المستشفى ليوم أو يومين، تلجأ إلى وضع أبنائها أو مشروع أبنائها في الثلاجة كعلبة الكولا لتحصل بعدها على أطفال معتقين كالنبيذ.
Opinion
أبناء في المجمدات
06 ديسمبر 2014