منــــذ فتـــرة و«الجماعــة» يركــزون فـــي خطاباتهم على مسألة ضرورة استثناء رأس الدولة من النقد، ويدعون إلى عدم اعتبار ذاته مصونة، رغم أن دستور مملكة البحرين يؤكد على هذا الأمرفي المادة رقم 33 ونصها: «الملك رأس الدولة، والممثل الأسمى لها، ذاته مصونة لا تمس، وهو الحامي الأمين للدين والوطن، ورمز الوحدة الوطنية». والهدف من ذلك واضح، وهو التحريض على تجاوز القوانين التي تنظم هذا الأمر وغيره، لذا يكررون القول إنه لا استثناء لأحد وإن النقد يجب أن يطال القيادة.في هذا الإطار كتب نبيل رجب في حسابه على التويتر قبل أيام «إن القوانين التي تحرم مس الذات الملكية هي من قوانين العصور الوسطى التي لا تواكب التطور الطبيعي للمجتمعات الإنسانية وإن منح الحكام حصانةً من النقد والمحاسبة والمراقبة تحت ذريعة الذات التي لا تمس يناقض المعايير الدولية للشفافية والعدالة وحقوق الإنسان»، مضيفاً أن «كل أنواع النقد للحاكم المسؤول يجب أن تكون مباحة بما فيها النقد الأدبي والنقد الفني والنقد الجاد والنقد الساخر والنقد الصحفي وغيره».طبعاً هو يستثني الحاكم إن كان رجل دين، ويستثني كل عمامة رغم أن رجال الدين من غير الحكام «يحكمون» أيضاً باعتبار أنهم أصحاب عمائم ويستطيعون أن يتحكموا خصوصاً في المجموعات التي تؤمن بأفكارهم، فانتقاد أي عمامة مهما صغرت وصغر شأن صاحبها يدخل في باب المحرمات. فالعمامة يجب ألا تمس في كل الأحوال!الجميع يتذكر كيف أن «الجماعة» دفعوا بأعداد كبيرة إلى حيث كان مبنى الزميلة «الأيام» في الجفير ليعتصموا ويحتجوا على رسم كاريكاتير عادي للفنان خالد الهاشمي انتقد السيد الخامنئي، وقد شهدت ذلك بنفسي. والأكيد أن المشهد نفسه يمكن أن يتكرر لو أن أحداً «قص عليه الشيطان» وانتقد بشكل أو بآخر أياً من رجال الدين الذين تم تصنيفهم على أنهم فوق القانون. وليس على من يطالب بتجاوز تلك المادة المقرة في الدستور -ومنهم نبيل رجب- إلا أن يغامر بانتقاد واحد من أصحاب العمائم ليرى بأم عينيه كيف سيتصرفون معه.النقد من وجهة نظرهم مباح وهو حق ولا يستثنى منه أي مسؤول وصولاً إلى رأس الدولة، لكن ممنوع على الجميع انتقاد أي عمامة لأي سبب من الأسباب وبأي طريقة من الطرق والأساليب!هذا هو الواقع، وهذا يعني أن إثارة الموضوع يأتي ضمن خطة معتمدة، وإلا فما هو السر وراء إثارته بين الحين والحين وعلى أكثر من لسان رغم علمهم بتناقضه مع الاستثناءات المعتمدة لديهم؟ (حسب ما ورد في بعض المواقع الإلكترونية فإن إثارة نبيل رجب للموضوع جاء تعليقاً على تنفيذ حكم الحبس لمدة سنة باستشاري العيون الدكتور سعيد السماهيجي بتهمة إهانة الذات الملكية)، وهو الأمر الذي يعرف الجميع أنه حدث في أحد التجمعات الخطابية. السنوات الثلاث الأخيرة أتاحت للجميع انتقاد الجميع، ولكن تم استثناء من أرادوا استثناءه رغم أن الدستور لا يستثنيهم! فانتقاد الشيخ عيسى قاسم مثلاً فيه «جوكم»، وانتقاد آخرين أقل منه وزناً فيه «جوكم» أيضاً!ما ينبغي التأكيد عليه هو أننا ننتمي إلى دولة خليجية، لنا عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا، ولنا ديننا الذي علمنا الأدب وكيفية التعامل مع الحاكم، وليس في ديننا ولا في عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا ما يبيح التطاول بشكل أو بآخر على رأس الدولة، فرئيس الدولة ذاته مصونة شرعاً وأعرافاً وخلقاً وأدباً، فإذا أضيف إلى كل ذلك أننا بحرينيون فهذا يعني أننا أهل السنع، وليس من السنع و«الذرابة» التطاول على قيادتنا حتى لو غابت المادة 33 من الدستور.