إن استلام الشباب البحريني لمناصب قيادية يعتبر من أحد الروافد الهامة لرؤية البحرين الاقتصادية للعام 2030، خاصة وأن الشباب هم ركيزة أساسية لبناء وتطور البلدان من خلال طرحهم للأفكار المتطورة والرؤى الحديثة المتواكبة مع العصر، وهذا بالتأكيد لا يعني أبداً الاستغناء عن أصحاب الخبرات؛ فهم ركيزة هامة جداً في مجتمع ينشد التطور، فالمزج بين الحماس والخبرة تدعم التطور للمجتمع لتصب تلك الخبرات في تهيئة الشباب بما يلبي الطموح والتطور المنشود للمجتمع.لكن ما نشاهده في الحقيقة أن هناك بعض الجهات في مملكتنا الحبيبة توظف أشخاصاً قاربوا سن التقاعد، خاصة فيما يتعلق بالمناصب القيادية «كالمدير»، ولا يتيحوا ولو ذرة فرصة للشباب الذين هم مستقبل الوطن، ويتعذرون في ذلك بحجه العمر وهو أنك لم تصل إلى سن الـ 50 لنضعك في هذا المنصب، وهو السن الأقرب التقاعد، أو أن خبراتك العملية لا تتعدى الفترة المطلوبة، ودائماً يطلبون فترات خدمة عمل سابقة تكون إعجازية للشباب تتراوح ما بين 10 - 15 عاماً، ولهذا نشاهد بعض الجهات لا تتطور ولن تتطور أبداً إذا استمرت على هذا النهج، والسبب في ذلك هو أن ذلك المدير ليس لديه طاقة للإبداع أو خلق أفكار جديدة بسبب الاكتفاء من فترة العمل السابق. في حين أن هناك جهات أخرى «قليلة» داعمة للشباب، والدليل على صحة القول موظفيها من الشباب الذين وصلوا إلى مناصب عليا وقيادية، مع ضرورة وجود الخبرات الذين «لا غنى عنهم» في مناصب استشارية وقيادية في بعض الإدارات الحساسة، فهم «كقبطان» يوجه دفة السفينة ويقودها لبر الأمان، ولكن بوجود من يعتمد عليهم من طاقم هم في الغالب من الشباب. الدولة مطالبة في تقديم المزيد من التسهيلات والحوافز والدعم للمواطنين الذين قاربوا سن التقاعد، خاصة وأن الكثير منهم «غصباً عليه» يستمر في العمل ويتحامل على صحته بسبب ضعف الراتب بعد التقاعد، ويمكن أن نقترح أن يزج بأصحاب الخبرة لفترة زمنية قصيرة في مناصب قيادية لنقل خبراتهم إلى الموظفين من الشباب، بحيث يرشح صاحب الخبرة في نهاية فترة علمه «لنقل عام واحد أو عامين على الأكثر» الأكثر كفاءة لشغل المنصب القيادي، فبذلك نضمن استفادة الشباب من عامل الخبرة، ونضمن لصاحب الخبرة نقل خبراته للأجيال الشابة التي ستواصل مسيرة العطاء لهذا الوطن دون أن ينقص من أهمية الطرفين.مسج إعلامي..كثير من الجهات بحاجة إلى سياسة عمل مخططة ومدروسة تعمل على المزج بين الشباب والخبرة، ولو أخذنا مثالاً رياضياً؛ ففي بطولة كأس العالم الأخيرة، فإن المنتخب الألماني حقق بطولة العالم بسبب ذلك المزيج بين العنصرين المذكورين، إلى جانب الإدارة السليمة للمدرب وجهازه الفني والإداري، وبالعكس تماماً فإن عنصر الشباب بالمنتخب البرازيلي لم يشفع له بالفوز بالبطولة رغم إقامتها في أرضها وبين جماهيرها، وفي المقابل اعتمدت منتخبات مثل إيطاليا وإنجلترا على عامل الخبرة وبشكل واضح ولكنها لم تنجح أيضاً، إذاً فلابد من مزج عنصري الخبرة والشباب دون ركن إحداهما، فضلاً عن وجود عقلية إدارية احترافية «ناجحة ومتميزة» قادرة على تحقيق الهدف المطلوب تماماً مثلما فعل المنتخب الألماني في بطولة كأس العالم الأخيرة.