كل واحد منا يملك حلماً في أن يكون في يوم من الأيام كما يحلم؛ هناك من يحلم أن يكون وزيراً، ومن يريد أن يكون سفيراً أو مديراً، أو ربما شاعراً أو فناناً تشكيلياً أو ممثلاً أو كاتباً معروفاً أو سياسياً، لنقل كل ما يرغب به الإنسان في حياته.كل هذه الأحلام مشروعة ويحتاج إليها الإنسان لكي يحقق معنى وجوده على هذا الكوكب، ويقوم بدوره الممتد بين الولادة والموت، وينجز المهمة الكونية التي خلق لأجلها، ولكن هذا الحلم لا يمكن أن يتم دون وجود الرغبة القوية والتي هي بمثابة الطاقة أو الوقود التي تقود الحالم إلى المكان الذي يريد الوصول إليه أو المكانة التي يطمح.الرغبة الشديدة العارمة المتقدة دائماً ومشاهدة المستقبل الآن يتحرك أمامك، تلمسه وتشمه وتتذوقه وتسمع أصواته، هو ما يجعله يتوسع ويتمدد، ويخلق الأحداث ويجلب الأشخاص الذين يساهمون في إنجازه لك.إن الرغبة هي الدافع الأول لتحقيق ما تريد تحقيقه، دون ذلك لن تكون إلا في مكانك، من هنا سأحاول أن أذكرك بالقصة الصينية التي لطالما قرأتها في قصص النجاح التي تطرح في كتابات المعلمين الروحانيين الكبار في العالم، تقول القصة:ذهب شاب إلى أحد حكماء الصين ليتعلم منه سر النجاح وسأله: «هل تستطيع أن تذكر لي ما هو سر النجاح؟»، فرد عليه الحكيم الصيني بهدوء وقال له: «سر النجاح هو الدوافع».. فسأله الشاب: «ومن أين تأتي هذه الدوافع؟».. فرد عليه الحكيم الصيني: «من رغباتك المشتعلة».. و باستغراب سأله الشاب: «وكيف يكون عندنا رغبات مشتعلة؟».هنا استأذن الحكيم الصيني لعدة دقائق وعاد ومعه وعاء كبير مليء بالماء، وسأل الشاب: «هل أنت متأكد أنك تريد معرفة مصدر الرغبات المشتعلة؟».. فأجابه بلهفة: «بالطبع»، فطلب منه الحكيم أن يقترب من وعاء الماء وينظر فيه، نظر الشاب إلى الماء عن قرب وفجأة ضغط الحكيم بكلتاً يديه على رأس الشاب ووضعها داخل وعاء المياه، مرت عدة ثوان ولم يتحرك الشاب، ثم بدأ ببطء يخرج رأسه من الماء، ولما بدأ يشعر بالاختناق بدأ يقاوم بشدة حتى نجح في تخليص نفسه وأخرج رأسه من الماء، ثم نظر إلى الحكيم الصيني وسأله بغضب: «ما هذا الذي فعلته؟»، فرد و هو ما زال محتفظاً بهدوئه وابتسامته سائلاً: «ما الذي تعلمته من هذه التجربة؟»، أجاب الشاب: «لم أتعلم شيئاً». نظر إليه الحكيم قائلاً: «لا يا بني لقد تعلمت الكثير؛ ففي خلال الثواني الأولى أردت أن تخلص نفسك من الماء ولكن دوافعك لم تكن كافية لعمل ذلك، وبعد ذلك كنت راغباً في تخليص نفسك فبدأت في التحرك والمقاومة ولكن ببطء، حيث إن دوافعك لم تكن قد وصلت بعد لأعلى درجاتها، وأخيراً أصبح لديك الرغبة المشتعلة لتخليص نفسك، وعندئذ فقط أنت نجحت لأنه لم تكن هناك أي قوة في استطاعتها أن توقفك»، ثم أضاف الحكيم الذي لم تفارقه ابتسامته الهادئة: «عندما يكون لديك الرغبة المشتعلة للنجاح فلن يستطيع أحد إيقافك». المقصود من هذه الحكمة، كما يقول من نقل القصة، أن من امتلك الرغبة لن يستطيع أحد إيقافه والدوافع هي السبيل الأساسى للنجاح.ولهذا أرى أنه لكي تكون ما تريد أن تكون لا بد أن تكون رغبتك مشتعلة، دائمة التأجج والتوهج، تعيش حرارتها يومياً، تشعر بأنفاسها تنطلق من رئتيك وتغمر كل ما حولك بالفرح، من خلالها تتحرك ولها تنهض كل صباح. إن كانت رغبتك بهذه القوة ثق أنك ستكون ما تريد أن تكون.
Opinion
الرغبة وقود حلمك
15 نوفمبر 2014