أنجز العرس الانتخابي وسط فرح عارم يلف مدن البحرين باحيائها وسواحلها؛ بل حتى أضيق أزقتها وربح الشعب المنازلة بكل أطيافه.ما ميز هذه الدورة عن سابقاتها هو الوعي الانتخابي والشعور بالمسؤولية وتحسس أماكن الخطر، حيث استشعر المواطن بفطرته وطينته الطيبة ما يراد به وببلده، فغادر الناعقين والمثبطين وأركن وراء ظهره دعوة الموتورين. لقد ترجم الشعب وعبر عن إرادته عفوياً وتدفق وزحف طوعاً للصناديق الانتخابية، وهدفه ليس كما هو معهود باختيار من يمثله؛ بل طغى هذه المرة عليه صبغة الوطنية والذود عن البلاد، فقلمه أشر لمن يأمل فيه الأمل لكن في أعماقه هو يختار البحرين التي لا يسعها صندوق، فحبها قد تغلغل واستقر في جنبات الفؤاد وبين العروق. وكما قيل سابقاً «رب ضارة نافعة»؛ فما شهدته البلاد من أحداث شغب وتصرفات صبيانية لا تنم إلا عن قصور في التفكير وعدم إدراك في المآل والمصير.حفز ذلك الجميع للتوحد والالتفاف حول الوطن فكان خط الشروع هو تجمع الفاتح المبارك، حيث تغيرت البوصلة، وفي الثاني والعشرين من نوفمبر الخير استقرت بلا اهتزاز أو رنين وهو بحق يوم نصر مبين.لقد سطر المترشحون بدورهم أروع الملاحم في وعيهم، وكانوا قمماً في التضحية والأخلاق، فلم يسجل طيلة شهر من الترويج الإعلامي خرق ولا تجاوز ولا تنابز، بل احتضنوا الجميع وكانوا مثالاً للكرم والتواضع والتضحية، بل بلغ أحدهم من الإيثار أن يتنازل عن خيمته وبكل خدماتها لمنافس له من نفس دائرته قصرت يده عن مثلها.ولا نغفل الدور البطولي لأجهزة الأمن؛ فقد كانت منتظمة مثل عقارب الساعة ومتراصة مثل خلايا النحل وساهرة متحفزة كعيون الصقر، ما أشعر الجميع بالراحة والطمأنينة والأمان. لقد بانت الحقيقة ناصعة لا ينكرها إلا ضال شارد أو حاقد فاسد، فالبحرين عصية وأرض صلبة صماء على الأعداء، لينة سهلة واسعة للمحبين والأصدقاء.لقد ربح الجميع ربحنا الوطن، وغادرتنا بعون الله إلى الأبد المحن، فقد سدد الله يا أهل البحرين بصبركم وإيمانكم رميكم، لقد أتممتم أبهى عرس وأمامكم أرض خصبة للحرث والغرس.فلنجد بعد اليوم ونجتهد تحت راية مليكنا حمد حفظه الله وسدد على الحق خطاه، وولي عهده الأمين، وخليفة الخير والحنين لنحصد بعد هذا العرس وما يليه من حرث وغرس غلة مزدهرة وباقة من الأمن والعطاء والرخاء.