من الشائع في غانا عند موت الإنسان يصمم له تابوت خصيصاً يتناسب ومهنته، فالنعوش في إحدى المناطق هناك تكون على شكل مجسمات تمثل مهن المتوفين، فمثلاً يكون التابوت على شكل دجاجة عندما يكون الميت بائع أو مربي دواجن، وعلى شكل بيت إن كان يعمل في مجال المقاولات والبناء، أو آلة خياطة عندما يكون خياطاً، كل ذلك بسبب أن الناس هناك يعتقدون أنهم سينتقلون بعد الموت إلى حياة أخرى ويعتبرون التابوت واسطة النقل التي تقلهم، ويجب أن يذهبوا لتلك الحياة بتوابيت ذات ألوان زاهية تمثل مهنتهم التي شكلت جانباً من حياتهم.أغرب التوابيت التي نشرت صورها ذلك التابوت الذي شكل مجسماً لحذاء كبير ترقد بداخله جثة، ولكم أن تتخيلوا ماذا سيحدث لو كان ذلك عندنا وشاهدنا حذاء كبيراً محمولاً على الأكتاف، وكيف سنذكر محاسن موتانا بهذه الحالة، العجيب في الموضوع أن هناك خمسة محلات فقط تصنع هذه التوابيت، ومؤخراً هناك طلبات كثيرة من دول متفرقة من بينها أمريكا ودول أوروبا لصناعة توابيت، وتساءلت ماذا لو خطر ببال جورج بوش أن يصنع له نعشاً وترك التصميم للصانع، فهل سيكون على شكل قنبلة أم مدينة مخربة أم يبتكر تصميماً للفوضى، فهذه أهم إنجازات الرجل التي عرف بها.الحمد لله أن هذا التقليد غير متعارف عليه عندنا، وإلا لاحتجنا إلى فنانين ونحاتين في هذا المجال فبعض الناس سيحتاجون إلى توابيت على شكل قنابل مولوتوف، وآخرون سيحتاجون إلى توابيت على شكل إطارات سيارات، لكن المحير في الأمر هو شكل التوابيت التي سيحتاج إليها بعض الناس خصوصاً أولئك الذي تسلطوا على أوطان بأكملها وسرقوها وأذلوا أهلها فكيف يا ترى ستكون نعوشهم؟ هل ستكون مجسمات على شكل خزينة كبيرة أم على شكل سبائك ذهبية، أما الخونة الذين انتشروا في كثير من الدول العربية فهؤلاء الحيرة فيهم أكبر، فما هو مجسم الخيانة؟ ربما سيكون على شكل خارطة الدولة التي يعملون لصالحها، عندها سيكون الأمر سهلاً لأن النموذج سيكون واحداً وهو تابوت على شكل خارطة إيران.لكن عند النظر إلى الموضوع من زاوية أخرى نجد أن هذا التقليد في غانا يعطي انطباعاً ومؤشراً أن الأوضاع في هذه الدولة أفضل مما هي عليه في العالم العربي، فالناس فيها يموتون إما بسبب المرض أو الشيخوخة التي تسمح لهم بتصميم التابوت والنعش قبل مدة، أما في العالم العربي فالأوضاع ليست على ما يرام لأن الموت فيها بالجملة وبطرق مختلفة فالناس ما بين قتلى في الانفجارات وغرقى في البحار التي يركبونها هرباً من بلدانهم أو صرعى بيد الميليشيات المنتشرة في كل مكان.
Opinion
توابيت المهنة
29 ديسمبر 2014