من يتابع الفضائيات التابعة لـ «المعارضة» والمتعاطفة معها لأسباب تخصها وكذلك المواقع الإلكترونية المؤازرة لها؛ تتكون لديه فكرة ملخصها أن البحرين ما هي إلا سجن كبير، وأن المواطنين فيها يعانون أيما معاناة، وأنهم مشاريع اعتقالات لا يأمنون على أنفسهم في بيوتهم، وأنهم لا يستطيعون قول أي شيء ولا فعل أي شيء لأنهم يخشون كل شيء، وأن.. وأن.. وأن..، تعبئة غير طبيعية لمتابعي هذه الفضائيات والمواقع الإلكترونية تجعل من لا يعرف الهدف والوسيلة والحيلة يصدق كل ما يصله، ما يؤكد أن عقولاً غير طبيعية تقف وراء كل هذا العمل أصغرها متخصص في علم النفس ويمتلك خبرة واسعة في هدم الدول وتصديع العلاقة بين الشعوب والحكام. في الفترة الأخيرة بشكل خاص زاد تركيز تلك الفضائيات على ما تصفه بأنه مداهمات غير قانونية لملثمين مدنيين بمصاحبة رجال أمن تطال كل يوم مجموعة من القرى، ويتم خلالها اعتقال مجموعة من المواطنين. هذا النوع من الأخبار صار يطغى على تلك الفضائيات والمواقع، حتى صار من الطبيعي أن يثار سؤال عن الغاية من تركيزها على هذا الموضوع بالذات في هذه الفترة بالذات، خصوصاً وأن مسألة استدعاء البعض للحضور إلى الجهات المعنية بالأمن للتحقيق والسؤال عن أمر ما أو احتجاز البعض بعد تفتيش منازلهم ليس أمراً جديداً ولا غريباً على هذه الفترة التي يزداد فيها الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة ويمارس البعض فيها سلوكيات تؤثر على أمن الوطن والمواطنين. بين كل خبر وخبر من هذا القبيل تبث تلك الفضائيات، التي لا يمكن وصفها إلا بالسوسة، خبراً مماثلاً، وبين كل خبر وخبر مماثل تنشر تلك المواقع الإلكترونية خبراً يؤازر تلك الأخبار، وتظل هذه وتلك «تعلك» فيها ليلاً نهاراً. لكن مقابل البعض القليل الذي تنطلي عليه الحيلة فيصدق ما تقوله هذه وتلك يرفض الكثيرون ما يصلهم من أخبار ويصعب عليهم تصديقها، وإذا كان من السهل تصديق المتلقي وجود بعض من تفرض عليهم طبيعة عملهم تغطية وجوههم من رجال الأمن لحظة دخول البيوت للقبض على مطلوب بعرض صور لهم يتم التقاطها بالهواتف المحمولة؛ فإن من الصعب تصديق الصور التي تظهر ملابس منثورة في الغرفة على أنها من فعل أولئك الرجال، رغم أنه من الطبيعي أن يتم تفتيش الخزانات ومتعلقات المتهمين المطلوبين للتحقيق. ما لا ينتبه إليه أولئك هو أن هذا الذي أسموه عمليات دهم غير قانونية لا تتم اعتباطاً ولا استجابة لمزاج المكلفين القيام بهذه المهمة، ولكنها تأتي بعد سلسلة من الإجراءات التي تدخل النيابة العامة طرفاً فيها ولا يمكن تجاوز المسموح فيها، وبالتالي لا يمكن استهداف من لا علاقة له بالأمر، حيث من الطبيعي أن المكلفين بهذه المهمة تصلهم تعليمات واضحة ومحددة فيتجهون إلى حيث الهدف لإنجاز المهمة التي تتم في الظروف الطبيعية بسهولة ومن دون أي «خدوش».إن وضعاً كالذي تعيشه البحرين منذ أكثر من ثلاث سنوات يستدعي استدعاء كل من يتهم أو يشك في سلوكه بغية بسط الأمن وتوفير الأمان للمواطنين والمقيمين والزائرين، وهذا من حق السلطة والناس وإلا تضررت الحياة، هذا يعني أن هذه العمليات تقل إلى حد أن تختفي إذا عادت الأمور إلى طبيعتها ولم يعد هناك حاجة لاستدعاء أحد أو القبض على أحد لسبب أو لآخر. وكما أنه من الطبيعي أن تقوم تلك الفضائيات السوسة والمواقع الإلكترونية التي أوجدت لمؤازرة من تم تكليفهم بمهمة زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد بهذا الذي تقوم به وتبالغ في تصوير الأمر كي تسيء إلى السلطة التي تعتبرها عدواً مبيناً، فإن من الطبيعي أيضاً أن تمارس الجهات المعنية بالأمن دورها كي يستتب الأمن.