نظراً لأهمية الأدوار السياسية للمترشحين لمقاعد المجلس النيابي سواء كانوا أفراداً أو كتلاً، ومهامهم المتمثلة في التشريع والرقابة تحت قبة البرلمان في هذه المرحلة الدقيقة؛ تأتي هذه المساحة لاستقراء مفهوم القرار السياسي في البحرين، وخطوات صناعته، ومراحل إنجازه، وتقنيات توليد واختيار البدائل المعمول بها في عملية استصداره بشكل عقلاني رشيد، والآليات الإجرائية والأدوات الدستورية المتوفرة في دستور 2002م وتعديلات 2012 المعدة للاستخدام من قبل صناع القرار «ممثلين الشعب» لتأدية أدوارهم بفاعلية وكفاءة في سن تشريعات حديثة أو تجديد القوانين الموجودة وعصرنتها لتواكب الانفتاح السياسي والنماء الاقتصادي، وتسهم في تحويل المطالب والحاجات إلى قرارات سياسية تلبي احتياجات المجتمع، وتدفع بعجلة التطور وارتقاء الوطن والمواطن.من هنا تتجلى أهمية مواصفات عضو البرلمان المنتخب والمعين ومدى تمكنه وتحليه بالجدارة السياسية، وهي المزج بين بعدين تم تحديدها من قبل معظم المجالس التشريعية في الديمقراطيات العريقة، وهما «المعرفة والتعليم» و«المهارات والسمات الشخصية»، فالبعد الأول يلمس الجزء الظاهري، والبعد الثاني هو الجزء الثابت والكامن في شخصية العضو، والجزء الثابت هو المرتبط بخواص شخصيته وفاعلية ثقافته، والذي يمكن استكشافه والتنبؤ بسلوكياته، ومدى جودة تصرفاته الفعالة في المواقف المختلفة، وقدرته على اتخاذ مواقف سياسية حكيمة تراعي توازن قوى ومكونات المجتمع البحريني بأكمله، وليس لدائرته فقط، وتدعم نضجه الثقافي المستنير، وتزيد من سعة أفقه السياسي في الاستشراف، بما يسمى بملكة الخيال السياسي والإبداع المعنوي للتصورات والقيم الوطنية الجامعة بما يمكنه من طرح مقترحات برغبة أو مشاريع قوانين تصب في الصالح العام، بما ينعكس مباشرة على رضى المواطنين وتوقعاتهم، ويزيد من اقتناعهم بالمشاركة السياسية الواسعة. يتكون القرار السياسي في البحرين من إطارين؛ الأول نظري والثاني مؤسسي، حيث أرسى ميثاق العمل الوطني الإطار النظري لصناعة القرار السياسي في الدولة المدنية الحديثة، وثبت القواعد القانونية للإطار المؤسسي دستور 2002، ويعد الميثاق من أبرز وظائف النظام السياسي الجديد وأهم منجزاته الاستجابية والتحويلية للمطالب الشعبية؛ بعودة المسار الديمقراطي، وبتغيير الواقع السياسي في البحرين، الذي حدد مسارات العمل الوطني حاضراً ومستقبلاً، والتوجهات التي تحكم نطاق، وطبيعة التعديلات الدستورية المراد إدخالها على الشكل السياسي لهوية الدولة، وبعض مواد دستور 1973، وعلى الآليات والأدوات الدستورية الواردة فيه، مما شكل نقلة نوعية في صناعة القرار السياسي الجماهيري بحصده نسبة 98.4%.أفضى الميثاق إلى بناء مؤسسي منظم تنظيماً قانونياً مستقلاً، متوازناً، ومرتبطاً بواقع مجتمعه الحضاري، والثقافي، والروحي، من خلال استحداث هيكلية بنائية للدولة على أساس فصل السلطات الثلاث التنفيذية، التشريعية، والقضائية، وحدد نقطة انطلاق مشروع إصلاح سياسي يطال فواعل ومكونات مجتمع سياسي، ومجتمع مدني، فالرابطة ثنائية بين المؤسسات الرسمية، والهيئات، والتجمعات المدنية، باعتبار البرلمان مؤسسة سياسية تعبر عن المجتمع المدني من حيث ترجمة الرأي العام السائد في مجتمع الدولة بمؤسساتها الرسمية والمدنية الشعبية التي تكمن في العلاقة التفاعلية بين النظام السياسي وبيئته الثقافية والاجتماعية، وتكفل حرية الرأي والتعبير على أساس الدستور الضامن للحريات المدنية ترسيخاً لحقوق وواجبات المواطنين حفاظاً على قيم الشراكة الشعبية في الحكم والإدارة وصناعة القرار السياسي في وطن يرنو إلى العلياء... للحديث بقية
Opinion
صناعة القرار السياسي في البحرين.. الآليات والأدوات الدستورية (1)
19 نوفمبر 2014