كانت البحرين تحتفل خلال السنوات الماضية بكونهــا «عاصمة» لفعاليات عديدة، في وضع اعتبـــر ذلك إنجازات تتحقق للمملكة رغم وجهات النظر المتباينة بشأن المضامين، في حين أن الحقيقة تتمثل بأن هذه الفعاليات وقتية تذهب وتمضي وربما تعود أو لا، لكن التوصيف الوحيد الذي نراه مقارباً للواقع الذي تعيشه البحرين طوال السنوات الثلاث الماضية هو تحولها إلى عاصمة لشيء واحد فقط، عاصمة للإرهاب وبلا مبالغة.حينما تتواصل عمليات التخريب والإرهاب واستهداف رجال الأمن وتنجح في قتل بعضهم، وتصل لمستوى الإدانة الدولية الواسعة امتداداً من المنظمة الدولية وصولاً إلى دول نفسها تعاني من الإرهاب، فإن لا وصف آخر يصدق.كل يوم نسمع فيه أخبار عن مواجهات وصدامات تستهدف رجال الأمن، كل يوم تنشر أنباء عن وجود أجسام غريبة توضع هنا وهناك، كل يوم هناك في بعض المناطق من يتلثم ليخرج ويسد الشوارع ويحرق الإطارات وإن تصادف واحتك مع رجال الأمن كانت زجاجات المولوتوف جاهزة.سواء أكانت العمليات منظمة من قبل جهة تحشد وتخطط وتوجه، أو كانت عمليات غير ممنهجة يقوم بها بعض الشباب الذين استحلوا لعبة «انفراط القانون» بالتالي يعيثون في البلد الخراب والإرهاب، فإن الوضع لا يمكن وصفه أبداً بالمطمئن أو إيراد الجملة الشهيرة «الأمور طيبة»، لكن العكس هو الصحيح وهو الواقع مهما حاول كثيرون تجميله أو تشبيعه بأخبار رسمية أو تغطيات موسعة لفعاليات هنا وهناك.الواقع ليس ما ينشر بهدف بيان وضع مغاير تجده في قاعات الفنادق في مناسبات وافتتاحات ومعارض، ولا في المجمعات وإشغال الفنادق والحفلات، بل الواقع هو ما يحصل في الشارع، ما يعيشه الناس وما يتأثرون به، وما يقلق عليهم حياتهم.هناك مناطق في البحرين لا يضمن من يسير فيها ليلاً بسيارته أو مشياً أن يصل لمبتغاه بسلام، هناك شوارع بات معروفاً بأن من يتقاطع طريقه معها فإن نسبة مصادفته لإطارات محترقة تسد الشوارع نسبة عالية وقد تكون مضمونة.أمس تصدر وزارة العدل بياناً تتحدث فيه لخطباء المنابر، بيان فيه نصح وإرشاد والقول بما يجب أن يكون عليه دور معتلي المنبر وكأن كثيرين منهم –أي معتليها- لا يعرفون ضوابط الخطاب الديني والتزاماتهم تجاهه. هذا البيان ليس موقعه اليوم لا زماناً ولا مكاناً، هذا خطاب تأسيسي يفترض أنه تدشن منذ زمن وعمل به منذ أول مرة يتردد، اليوم وزارة العدل مطلوب منها توجيه خطاب صريح ومباشر فيه من الوضوح مالا يضيع معه الناس في الفهم، عليها أن تقول بأن من سيخالف ضوابط المنبر الديني ستتم محاسبته، دون أن يكون ذلك مبرراً لنسيان تجاوزات عديدة واستغلالات خطيرة لهذه المنابر تمت في السابق وكانت سبباً في التحشيد وكانت دعوات صريحة لاستهداف رجال الأمن بهدف قتلهم.الناس ملوا من التصريحات والكلام، الناس تريد أفعالاً تريد لهذا الوطن أمنه، وتقيم ميزان العدالة وتطبق القانون، تعبوا من ردات الفعل الإعلامية، يريدون ردات فعل حقيقية تثبت بأن هذا العبث لابد وأن يقف وأن العابث لابد وأن يحاسب.والله نرى ما فعلته الإمارات خلال اليومين الماضيين، فلا نملك القول لإخواننا هناك إلا أدام الله عليكم هذه النعمة وثبت حكامكم على الحق وعلى الإنصاف الفوري واتخاذ القرارات الحاسمة بلا هوادة. ضربنا أمثلة عديدة أم الديمقراطيات بريطانيا وكيف تعاملت مع الإرهاب وصانعيه، واليوم نرى الأمثلة قريبة جداً منا، فما الذي يمنع من تحرك الدولة الجاد لتقويم المعوج ولإيقاف كل متطاول على القانون وعلى حياة الناس عند حده.باتت الناس لا توجه اللوم للإرهابي والمحرض، باتت تلوم من يسكت عنهم، من لا يطبق القانون عليهم أو يعطله أو يتساهل فيه، حياة البشر أصبحت هي الضريبة، رجال الأمن يشيعون بين الفترة والأخرى، ولا ندري كم سندفن ونصلي عليه الجنازة مستقبلاً.أهذا وضع دولة يحاول البعض أن يوهم الخارج قبل الداخل بأنها بخير وتتعافى؟! لا يوجد دولة متعافية يقتل فيها رجال الأمن والمحرض على قتلهم لا يطاله القانون ولو حتى بالاستدعاء والمساءلة.لن يقف الإرهاب حينما يرى أن التصدي له لا يواكب مستوى الإرهاب نفسه، لن يقف التحريض حينما يرى بيانات كلامية فقط في مواجهته بينما الإجراءات وبقوة القانون لا تطاله.صدع البعض رؤوسنا بالقول إن المنامة عاصمة كذا وكذا، بينما الحقيقة والواقع يقول بأن المنامة عاصمة الإرهاب بامتياز ولثلاث سنوات متتالية ومع هذا الحال قد يطول مداها الزمني.