قالت العرب في أحد الأمثال الشهيرة بأن «آخر العلاج الكي»، وقبلها بأيام ذكرنا في معرض وضع مقارب قولاً لأينشتاين فيه يبين بأن «تكرار الفعل وبنفس الطريقة لمرتين وبانتظار نتائج مختلفة ليس من الحصافة»، واليوم نقول بأن كانت من حالة مرضية لا ينفع معها علاج يستخدم في كل مرة، فالحل هو بالضرورة عبر تبديل العلاج.الآن أخبرونا كم مضى على البحرين وهي تراوح مكانها، كأوضاع سياسية نعني هنا؟! ألا يفترض بأن الدولة واجهت عملية انقلابية والأخيرة فشلت؟! بالتالي إن كان الجواب بالإيجاب، فلم مازلنا نرى بأن الأمور تراوح مكانها، والعمليات كلها تدور في حلقة مفرغة، بل الأدهى، لماذا نرى الساعي للانقلاب على الدولة يمنح فرصاً تلو الأخرى على أمل بأنه «سيتوب» عن هدفه السيء ويتحول «بقدرة قادر» من معول هدم لأداة بناء؟!الفكرة بأن الحوار الوطني الأول الذي تم في صيف العام 2011 جاء ليكون هو الفصل الختامي للفوضى التي حصلت، كان هدفه تجميع الجميع على طاولة واحدة، وإن كانت من ادعاءات من قبل الذين قالوا «إسقاط» بأن حراكهم هدفه الدولة وأهلها لا شيء آخر، فإن المحك كان في النقاشات والمقاربات والتوصل لصيغ. لكن كل هذا لم يحصل، وظللنا نراوح مكاننا رغم أن الاقتناع كان بأن فصول الحوار انتهت، ومن ضيع الفرصة فقد ضيعها على نفسه، ولا يمكن القبول بأن يجر معه بقية الأطياف إلى الخلف.لكن المشكلة أن هذا حصل، بات وكأن وضع الدولة «مرهون» بحراك هؤلاء، فمتى ما صعدوا كان على الدولة التحرك في اتجاه عدم تكرار استنساخ الدوار، ومتى ما هدؤوا فإن الأمور تسير على طبيعتها وكأن شيئاً لم يكن.ورغم أن الحوار الأول طويت أوراقه، أكمله من أكمله، ومن ضمنهم جمعيات معارضة بخلاف «قائدتها» و«صاحبة أمرها» التي انسحبت، وخرج منه من خرج، إلا أن الاستغراب كان بفتح الباب مجدداً لمن يشتم النظام ورموزه ليل نهار، ومن يوفر الغطاء للإرهابيين ويبرر أفعال العنف «لأن مرجعه هو رأس التحريض»، فتح الباب له مجدداً ليجلس مع من يريد إقصاءهم وإلغاءهم من البلد. وهكذا كان الحوار الثاني، والذي حطم رقماً قياسياً في عدد الجلسات دون أن يتم حتى الدخول في جدول الأعمال، وكانت الانسحابات هي ما كتبت عليه بأن «يقبر» وهو السيناريو المتوقع سلفاً.الآن يتكرر استخدام نفس العلاج مع نفس الحالة المرضية ووفق نفس الظروف وفي نفس «المستشفى»! بالتالي ما هي النتائج المرجوة؟! هل نتوقع خلافاً لما سبق؟! هل نتوقع معجزة أو تحسناً في المعالجة؟!المصيبة أن الدولة بسبب محاولة احتواء الوضع والتواصل مع من لا يعترف بها ولا بقانونها ولا بمكوناتها ولا حتى بأمنها الذي يسمون عناصره بـ «المرتزقة»، المصيبة أنه بسبب هذه النوايا الاحتوائية تولد اعتقاد وإيمان راسخ لدى الانقلابي والمحرض بأن إعادة الكرة مسألة لن تفضي لنتائج وخيمة، وأن الاستمرار في جر البلد داخل مستنقع الإرهاب والمساومة به لم تعد «مقامرة» ولا «مغامرة» بل وسيلة مضمونة نتائجها عبر تعاطي الدولة واقتراحها استخدام نفس العلاج للمرة الثالثة، أي الحوار.الحالة ميتة سريرياً، قلناها ونكرر، هؤلاء لا يريدون لا دولة مدنية ولا حقوقاً متساوية، هم يريدون دولة تحكمها فتوى من معتل للمنبر منصب من المرشد الإيراني، هذه الحقيقة من نهايتها، وما يسبقها من كلام وحواشٍ وطلليات كلها أمور للاستهلاك الإعلامي واستخدام لـ «التقية السياسية».العلاج بهذا الدواء لا يفيد، إما أن تغيروا الدواء، أو تنهجوا الأسلوب العربي الشهير بأن آخر العلاج «الكي»! وفي رواية أخرى «البتر»!
Opinion
نفس المرض ونفس العلاج.. بدلوا الدواء يا جماعة!
03 أبريل 2014