«ما يحدث في البحرين ليس إلا جزءاً مما تتعرض له المنطقة من فوضى غايتها الخراب والدمار»؛ هكذا شخص صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء في أحد مجالسه التي يلتقي فيها بالمواطنين من كل أطياف المجتمع ما يجري هنا منذ ثلاث سنوات والأبواب التي توصد في وجه كل حل منطقي، فسموه يرى أن الفوضى العارمة التي تعم بعض البلدان هي الغاية المرحلية التي يراد فيها تأجيج الصراع بين أبناء الشعب الواحد وإشاعة الخراب والدمار ليتسنى لاحقاً السيطرة على مقدرات البلاد وفرض الأجندة المعتمدة. أما السبيل لمنع كل هذا -يقول سموه- فهو تفويت الفرصة على المؤسسات التي تنظر للوضع في البحرين من وجهة نظر واحدة فاقدة لأساسات المهنية والمصداقية اللتين يفترض أن تكونا دعامات عملها، داعياً سموه إلى التكاتف في هذه المرحلة والعمل معاً لإفشال ذلك المخطط الذي يريد لبلادنا السوء والذي اختير له عناوين براقة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان. تشخيص دقيق للوضع وما يجري من أحداث هو نتاج خبرة طويلة في مضمار السياسة يتمتع بها صاحب السمو الذي اعتبر أن الدور الأكبر الآن منوط بالإعلام ليقوم بمهمة إفشال تلك المخططات على اعتبار أن أولئك يعتمدون في الدرجة الأولى على سلاح الإعلام.المتابع لما تقوم به الفضائية السوسة «العالم الإيرانية» كمثال منذ بدء الأحداث قبل ثلاث سنوات يتبين له مدى صحة تشخيص صاحب السمو، فهذه الفضائية توظف الإعلام بشراسة، لكنها تحرص على الظهور بمظهر رافع راية الحق والمدافع عنها وعن حقوق الإنسان والديمقراطية، تدغدغ بها عواطف البسطاء وتشحنهم ليكونوا وقوداً تحقق به مآربها التي ما عادت خافية على أحد. والأمر نفسه يتبين للمتابع للفضائيات الأخرى الداعمة لها ولهذا المخطط في لبنان والعراق وغيرها من البلدان التي فتحت فضاءاتها لخدمة هذا التوجه الرامي إلى إضعاف المنطقة وتفتيتها، وكذلك المتابع للتصريحات التي تتقافز هنا وهناك والتي بها يمكن ببساطة تبيين ما تخفيه صدور بعض الدول التي صارت تتدخل على المكشوف، وتقول إنها تسعى إلى مساعدة الأطراف ذات العلاقة على التوصل إلى الحلول التي ترضيهم جميعاً.تشخيص صاحب السمو للحالة لا يختلف أحد على صحته، ومع هذا لاتزال الأطراف الأساسية ذات العلاقة بالمشكلة والممثلة لأصحاب الشأن غير قادرة على استيعاب المسألة ودون التمكن من اعتماد حتى المساحة المشتركة بينها، والتي هي في الواقع تزيد كثيراً عن مساحة الاختلاف، وإلا ما هو تفسير رفضها لكل المبادرات والمقترحات والحلول التي تشم منها رائحة مكسب مهما كان بسيطاً للطرف الآخر؟ ما ينبغي أن نتأكد منه هو أن الهدف المرحلي لأولئك هو اتخاذنا أدوات لضرب أنفسنا وتدمير بلادنا؛ وإلا لماذا يتم تكسير كل المجاديف ويعاب على كل مبادرة للحل إلى حد التسخيف والاستهزاء بها؟ ولماذا يتم إغلاق كل كوة مهما كانت صغيرة يمكن أن ينفذ منها الضوء المبشر بنهاية مقبولة من الجميع لهذه المشكلة؟ استناداً لتشخيص سمو رئيس الوزراء لما يجري فإنه غير مستغرب رفض كل محاولة للتوصل إلى حل ورفض كل مبادرة وكل فعل يشتم منه رائحة خير للمنطقة لأن هذا يؤثر سلباً على المخطط المعتمد. واستناداً إلى التشخيص ذاته علينا أن نتوصل إلى قناعة مفادها أن علينا إن أردنا أن نخرج بلادنا من هذا الذي يحاك ضدها أن نصفي نياتنا ونجلس حيث يمكن أن نؤكد على المشتركات أولاً، وحيث يمكن أن نتفق على الحلول التي ترضينا جميعاً، وأن نضع في اعتبارنا أن علينا جميعاً أن نقدم التنازلات مهما كانت مؤلمة، والتي من دونها نعين أولئك الذين يريدون ببلادنا السوء على تنفيذ مخططاتهم الجهنمية.