لجمعية الوفاق الحق أن تفصل وأن تعاقب وأن تنبذ وأن تسلخ كل من يخالف -على حد زعمها- قرارات مؤسستها، وذلك كما قال علي سلمان في تغريدته «نظام الوفاق الأساسي يفصل كل من يخالف قرارات المؤسسة ولا تهاون أو استثناء»، في الوقت الذي تتصدى الوفاق لقوانين الدولة وتصفها بالديكتاتورية والاستبدادية لمجرد أنها تقوم بتنفيذ القوانين وفقاً للإجراءات القانونية، وها نحن شاهدنا كيف تعاملت الوفاق عندما مارست الدولة حقوقها، فما كان منها إلا أن تقدمت بشكاوى لدى المجالس الحقوقية والمنظمات الأجنبية والاتحادات الدولية بدعوى أن الدولة انتهكت حقوق الإنسان، وذلك عندما تم فصل العمال الذين شاركوا في المؤامرة الانقلابية وتركوا أعمالهم واتجهوا إلى الدوار وهتفوا بإسقاط النظام، وارتكبوا الجرائم الإرهابية من قتل ونهب وحرق واحتلال لمؤسسات حيوية.بعد ذلك خرجت التوصيات تباعاً تدعو لعودة المجرمين إلى أعمالهم بالمكافآت والأموال، وهذا يبين لنا كيف تصنع الوفاق لنفسها هيبة ودولة، ولا تسمح لأحد من أتباعها مهما بلغت أهميته ودرجته أن يدلي حتى برأيه أو يخرج عن طاعتها، بينما الدولة دائماً في حالة اتهام، تحاول الترضية والتهدئة والاستلطاف وتحاور وتفاوض وتقدم العروض، بعكس حالة الوفاق التي ظهرت بمظهر الحازم الذي لن يتردد بإنزال أقصى عقوبة على كل من يخرج عن طاعتها.لم تتوقف الوفاق عند النبذ والسلخ والفصل لمن يخرج عن رأيها ويخالف قراراتها، بل أعلنت استقلاليتها عن وزارة العدل، وهي الوزارة التي تدفع لها مخصصات شهرية وسنوية وتخضع لنظامها؛ فخرج نائب الأمين العام لجمعية الوفاق، حسين الديهي، يتحدى الوزارة بنظام جمعيته، فيقول متهكماً ومستهزئاً «إن الخصومة السياسية يبدو أنها منعت العدل من قراءة نظام الوفاق الأساسي الذي يعاقب على مخالفة قرارات الجمعية بعقوبات تصل للفصل، وأي حق يعطي للعدل التدخل في شؤون الجمعيات لتحل محل ذوي الشأن، هل شكا لديكم أحد؟ وبأي صفة تتحدثون؟».إذن نظام الوفاق صار مقدساً ومقدماً على نظام وزارة العدل وقوانينها، وعلى قوانين الدولة وسياستها، وأصبحت الوفاق من ذوي الشأن، أما وزارة العدل ليس لها أي شأن، فلا يمكنها أن تعاقب الوفاق ولا أن تغلق مقرها ولا أن توقف أي عضو من الوفاق، كما ليس للدولة شأن في جمعيتها، وليس لها حق أن تفصل أو تعين، فهذه هي الوفاق التي تطالب أن يكون الشعب مصدراً للسلطات، فإذا بها تنبذ وتسلخ وتفصل من يخرج عن مشورتها ورأيها وسلطتها، وقد رأيتم ورأينا ماذا تعني بالنبذ من المجتمع حين أحرقت سيارات بعض المرشحين، والفصل حين هدد بطرد «أبو نبيل»، هذا هي القوانين الفرعونية التي وصفها الله في كتابه، وهذا ما يفعله الجبابرة الذين يرغمون الناس على اتباعهم ولا يخرجون عن طاعتهم، وها هي الصورة أمامنا تكتمل في صورة فرعونية مشابهة.إذن الخروج عن طاعة الوفاق ثمنه غالٍ لا يقدر على دفعه أتباعها، فمنهم من يلتزم بالصمت، ومنهم من يحاول كبت النفس، وأين سيذهب بعدها المسلوخ والمنبوذ، وأين سيذهب «أبو نبيل»، فليس لديهم مكان آمن حتى لو ذهبوا إلى المريخ، فالمليشيات ستفتك بهم أينما حلوا وأينما طاروا، وهم يعلمون فتك مليشياتهم إذا أرادت أن تفتك، ففتكها لا يقل فتكاً عن مليشيات مقتدى الصدر ولا فتك مليشيات الحرس الثوري الإيراني أو مليشيات حزب الله، فجميعهم خريجون من مدرسة واحدة.إذن الدولة أولى بأن تعاقب وتحاسب من يخرج عن طاعتها ومن يحاول تعريض أمنها لمخاطر ومن يحاول ضرب اقتصادها، نعم اليوم الدولة أولى أن تحافظ على استقرارها وأمنها لأنها هي الراعية والمسؤولة أمام الله، ومن حقها إنزال العقوبة وتطبيق القانون، خاصة في هذا الظرف الحساس، وذلك عندما تفرز الانتخابات أسماء الخارجين عن طاعتها والذين استجابوا لدعوة الوفاق، وهناك فرق بين من يستجيب لجمعية تسعى إلى انتزاع السلطة وبين من يستجيب لنداء الدولة، كما إن هناك فرقاً بين المحسن والمسيء، وعلى الدولة النظر في القوائم والسجلات، إذ ليس من العدالة أن يحصل المواطن المسيء ما يحصل عليه المواطن المخلص، ثم على الدولة أن تجعل من المشاركة في الانتخابات دليلاً على المواطنة، وهو مقياس قبل أن تعتمد ترقية أو منصب أو أي خدمة سكنية أو بعثة تعليمية، فإن الذي يخرج على الدولة لا يستحق أن ينتفع بخدماتها ولا خيراتها، وهذا هو القانون الإلهي العادل الذي ذكره الله في كتابه.
Opinion
القانون الإلهي
23 أكتوبر 2014