التصريحات والتقارير التي تصدر من وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل تدل على أن الجهتين «جهة واحدة عملياً» لا تملكان استراتيجية واضحة لإصلاح سوق العمل تؤدي ضمن برامج وخطط مؤرخة إلى جعل البحريني الخيار الأفضل لدى القطاعين العام والخاص، ومن ثم قلب المعادلة الحالية من استحواذ الأجانب على 550 ألف وظيفة بسوق العمل مقابل 154 ألف وظيفة للبحرينيين إلى العكس.وبالطبع فالمسألة ليست مجرد أرقام ولكنها أبعد من ذلك بكثير، فالعمل حق من حقوق الإنسان للمواطن في بلده، والاستعانة بالأجنبي لتأدية عمل فقط في حالة الضرورة وعدم وجود البحريني الذي يشغل هذه الوظيفة على أن يشغلها الأجنبي لفترة قصيرة محددة يلتزم فيها الأجنبي وصاحب العمل بتدريب البحريني داخل أو خارج البحرين تهيئة لشغله هذه الوظيفة.الدستور نص على أن الوظائف للبحرينين فقط وشدد على ذلك والسلطة التنفيذية لم تلتزم يوماً بهذا المبدأ والنص الدستوري وأخذ عدد الأجانب يتزايد في القطاع العام حتى تجاوز عددهم 7 آلاف في الوقت الحاضر حسبما هو معلن ومعروف والمخفي هو أكبر من ذلك بكثير وأعظم، بل إن معظم المراسلين والفراشين في الوزارات والشركات الحكومية من الأجانب ناهيك عن الحراس والسواقين.في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون السلطة التنفيذية بوزاراتها وهيئاتها وشركاتها قدوة يضرب بها المثل ويتم تقليدها من قبل القطاع الخاص بتوظيف البحرينين وحظر توظيف الأجانب حتى لو حدث نقص في وظائف معينة، وعلى سبيل المثال المفرد فإن عدد العاطلين من الجامعيين البحرينيين هو أقل من عدد الأجانب في الوزارات، ولو أعاد ديوان الخدمة المدنية تدريبهم وتأهيلهم لشغل وظائف الأجانب، لما احتاجت الحكومة أن تطرح مشروع توظيف العشرة آلاف وتخصص له ملايين الدنانير، ولو بدأت الحكومة بنفسها بانتهاج مبدأ تفضيل البحريني ومنحه الأولوية في شغل الوظائف بالدولة لما اضطر وزير العمل كل ثلاثة شهور إلى أن يصيغ تقارير يثبت ويقنع فيها القاصي والداني أن نسبة البطالة لا تتعدى 3.8% والعاطلين 5 آلاف بحريني في بلد به 550 ألف عامل أجنبي و 120 ألف عمالة سائبة!