اتفاق النواب والشورى على تعديل قانون المرور بما يؤدي إلى منع الأجانب من سياقة السيارات ليس هو محاكاة لإجراء مماثل اتخذته بعض دول مجلس التعاون، ولكنه يأتي انطلاقاً من مصلحة وطنية بالدرجة الأولى. فصحيح أن الإجراء يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان التي تدعو إلى توفير الحقوق الشخصية ومنها حق الإنسان في قيادة أو سياقة المركبات، لكن الأوضاع الخاصة التي تعيشها وتعاني منها البحرين تقتضي تقييد هذا الحق وليس منعه منعاً باتاً وإلى الأبد.البحرين تعاني أولاً من وجود عمالة أجنبية تجاوز عددها نصف السكان، وهو وضع غير طبيعي وله مردودات سلبية على الكثير من أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، فإذا عرفنا أن هذه العمالة هي في ازدياد مستمر وهي تستحوذ على 80% من الوظائف التي تبتكر كل يوم فعلينا أن ندرك مبلغ الأزمة الاجتماعية المقدمين عليها ومبلغ التكلفة الاقتصادية التي ندفعها. وليت هذا فحسب ولكن الطاقة الكبرى أن العمالة الأجنبية لدينا ليست كتلك التي يسمح لها بالعمل في الدول المتقدمة وحتى النامية، حيث تكون عمالة متعلمة أو مدربة ومتخصصة في مهن وأعمال من شأنها أن تقدم للبلد المضيف لها قيمة مضافة من حيث ما تملك من مال أو معرفة أو خبرة تنعكس إيجابياً على أبناء البلد واقتصادها. العمالة التي تدخل وتعيش في بلدنا هي عمالة غير ماهرة وتأتي هنا لتتعلم مهنة أو تمارس أي عمل وبأي راتب وبذلك تصبح عالة على البحرين كوطن وعلى أبناء البحرين الذين يخسرون فرص العمل أمام تفضيل أصحاب العمل للعمالة الأجنبية الرخيصة الأجر والمتعددة الوظائف والقابلة إلى الاستغلال بكل وجوهه ومجالاته؟ فالعامل الأجنبي يقبل العمل كعامل وكسائق وأي وظيفة أخرى يطالب بها من صاحب العمل وبراتب متدن، وبين هذا العمل وذاك وفي المساء يستخدم السيارة التي بحوزته كسيارة أجرة غير مرخصة ينافس البحريني صاحب سيارة الأجرة، ويستخدمها أيضاً في أغراض مشينة، ولم يبق إلا حل تقييد حق السياقة لهؤلاء وإلزام أصحاب الأعمال في الشركات توظيف سائقيين بحرينيين، ريثما ترتقي هيئة سوق العمل ومعها أصحاب الأعمال في استقدام عمالة ماهرة لا تستغل ولا تحتاج لاستغلال وظائفها في ارتكاب مخالفات والتضييق على البحرينيين.